الشُّبْهَةِ، وَالْمُرَادُ بِمَا رَوَى الْحَرْبِيَّ لِسِيَاقِهِ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ
التَّكْلِيفِ: يَعْنِي عِنْدَهُ، أَوْ الدَّارِ: يَعْنِي عِنْدَنَا اهـ
أَقُولُ: وَزَّعَ الشَّارِحُ الْمَذْكُورُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا إلَى التَّكْلِيفِ أَوْ الدَّارِ إلَى الْمَذْهَبَيْنِ كَمَا تَرَى، فَحَمَلَ قَوْلَهُ إلَى التَّكْلِيفِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلَهُ أَوْ الدَّارِ عَلَى مَذْهَبِنَا، لَكِنَّهُ مَحَلُّ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَالَ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ
وَلَنَا أَنَّ الْقِصَاصَ يَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْعِصْمَةِ وَهِيَ بِالدِّينِ أَوْ بِالدَّارِ
قَالَ الشَّارِحُ الْمَذْكُورُ وَسَائِرُ الشُّرَّاحِ أَيْضًا هُنَاكَ، وَهِيَ أَيْ الْعِصْمَةُ بِالدِّينِ: يَعْنِي عِنْدَهُ، أَوْ بِالدَّارِ: يَعْنِي عِنْدَنَا، فَقَدْ حَمَلُوا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِالدِّينِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَإِذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْعِصْمَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ الدِّينُ فَكَيْفَ يَتِمُّ الْقَوْلُ هُنَا بِثُبُوتِهَا عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ التَّكْلِيفِ بِدُونِ تَحَقُّقِ دِينِ الْإِسْلَامِ كَمَا يَقْتَضِيهِ شَرْحُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ
ثُمَّ أَقُولُ: لَعَلَّ كَلِمَةَ أَوْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا إلَى التَّكْلِيفِ، أَوْ الدَّارِ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: سِيَّانِ كَسْرُ رَغِيفِهِ أَوْ كَسْرُ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ عَلَى مَذْهَبِنَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ كَلِمَةِ الْوَاوِ بَدَلَ كَلِمَةِ أَوْ، وَعِبَارَةُ الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ أَيْضًا فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِمَا فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ يَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْعِصْمَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ نَظَرًا إلَى الدَّارِ وَإِلَى التَّكْلِيفِ اهـ
فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ لَمْ تَحْمِلْ الْمَجْمُوعَ عَلَى مَذْهَبِنَا مَعَ إبْقَاءِ كَلِمَةِ أَوْ عَلَى أَصْلِ مَعْنَاهَا؟ قُلْتُ: لِأَنَّ التَّكْلِيفَ وَحْدَهُ لَا يَقْتَضِي الْعِصْمَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْقِصَاصِ؛ أَلَا يَرَى أَنَّهُ إذَا قُتِلَ مُكَلَّفٌ وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ صَرَّحَ بِهِ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِمَا رَوَى الْحَرْبِيُّ لِسِيَاقِهِ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute