للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَقِّهِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الشَّجَّةُ فِي طُولِ الرَّأْسِ وَهِيَ تَأْخُذُ مِنْ جَبْهَتِهِ إلَى قَفَاهُ وَلَا تَبْلُغُ إلَى قَفَا الشَّاجِّ فَهُوَ بِالْخِيَارِ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ. .

قَالَ: (وَلَا قِصَاصَ فِي اللِّسَانِ وَلَا فِي الذَّكَرِ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ مِنْ أَصْلِهِ يَجِبُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ. وَلَنَا أَنَّهُ يَنْقَبِضُ وَيَنْبَسِطُ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ (إلَّا أَنْ تُقْطَعَ الْحَشَفَةُ) لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ مَعْلُومٌ كَالْمَفْصِلِ، وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْحَشَفَةِ أَوْ بَعْضَ الذَّكَرِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ، بِخِلَافِ الْأُذُنِ إذَا قُطِعَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ وَلَهُ حَدٌّ يُعْرَفُ فَيُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ، وَالشَّفَةُ إذَا اسْتَقْصَاهَا بِالْقَطْعِ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُطِعَ بَعْضُهَا لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ اعْتِبَارُهَا. .

فَصْلٌ

قَالَ: (وَإِذَا اصْطَلَحَ الْقَاتِلُ وَأَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَوَجَبَ الْمَالُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ الْآيَةُ عَلَى مَا قِيلَ نَزَلَتْ الْآيَةُ فِي الصُّلْحِ. وَقَوْلُهُ .

بَدَلَ النَّاقِصِ بَذْلًا لِلزِّيَادَةِ، كَيْفَ وَلَوْ سَلَّمَ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ لَا يَتِمَّ أَصْلُ دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا، فَإِنَّ مَدَارَ ذَلِكَ عَلَى انْعِدَامِ التَّمَاثُلِ فِي الْأَطْرَافِ بِتَحَقُّقِ التَّفَاوُتِ الْحُكْمِيِّ بَيْنَهَا.

وَقَالَ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ فِي دَفْعِ ذَلِكَ الْإِشْكَالِ قُلْنَا: شَرْعُ الْقِصَاصِ فِي الْأَصْلِ يَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ، فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ ثَابِتًا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ كَنُقْصَانِ طَرَفِ الْأُنْثَى وَالْعَبْدِ مِنْ طَرَفِ الذَّكَرِ وَالْحُرِّ مُنِعَ شَرْعُ الْقِصَاصِ لِانْتِفَاءِ مَحَلِّهِ، وَإِنْ كَانَ التَّسَاوِي فِي الْأَصْلِ ثَابِتًا وَالتَّفَاوُتُ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ عَارِضٍ كَانَ الْقِصَاصُ مَشْرُوعًا فَيُمْنَعُ اسْتِيفَاءُ الْكَامِلِ بِالنَّاقِصِ دُونَ عَكْسِهِ إذَا رَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْحَقِّ انْتَهَى. وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا رَأْيُ تَاجِ الشَّرِيعَةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ.

أَقُولُ: وَفِيهِ أَيْضًا بَحْثٌ، لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّ شَرْعَ الْقِصَاصِ يَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَلَا اعْتِبَارَ لِلتَّفَاوُتِ بِحَسْبِ أَمْرٍ عَارِضٍ يَلْزَمُ أَنْ يَجُوزَ اسْتِيفَاءُ الْكَامِلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ بِالنَّاقِصِ وَهُوَ الْأَشَلُّ، كَمَا يَجُوزُ عَكْسُهُ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ بِحَسَبِ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهَا بِحَسَبِ أَمْرٍ عَارِضٍ وَهُوَ الشَّلَلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْكَامِلِ بِالنَّاقِصِ بِلَا رَيْبٍ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ شَرْعَ الْقِصَاصِ يَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ لَكِنْ يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ النَّاقِصِ بِالْكَامِلِ إذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ لِرِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ بِإِسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ لَا لِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي شَرْعِ الْقِصَاصِ فَمَعَ إبَاءِ عِبَارَةِ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ عَنْهُ جِدًّا يَلْزَمُ أَنْ يَجُوزَ اسْتِيفَاءُ طَرَفِ الْمَرْأَةِ بِطَرَفِ الرَّجُلِ أَيْضًا إذَا رَضِيَ الرَّجُلُ بِهِ لِوُجُودِ رِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ بِإِسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ فِي هَاتِيَكَ الصُّورَةِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا أَصْلًا فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ، فَلَعَلَّ حَلَّ هَذَا الْمَقَامِ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَفِعُ بِهِ الْإِشْكَالُ عَنْهُ بِالْمَرَّةِ مِمَّا تُسْكَبُ فِيهِ الْعَبَرَاتُ.

(فَصْلٌ)

قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: لَمَّا كَانَ تَصَوُّرُ الصُّلْحِ بَعْدَ تَصَوُّرِ الْجِنَايَةِ وَمُوجِبِهَا أَتْبَعَهُ ذَلِكَ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>