للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا سِيَّمَا عَلَى تَقْدِيرِ السُّقُوطِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَعَلَيْهَا الدِّيَةُ فِي مَالِهَا لِأَنَّ التَّزَوُّجَ وَإِنْ كَانَ يَتَضَمَّنُ الْعَفْوَ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنْ عَنْ الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ،.

الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْأَطْرَافِ فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا تَزَوُّجًا عَلَى الْقِصَاصِ.

قُلْنَا: الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ قَضِيَّةً لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ إلَّا أَنَّهُ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ طَرَفَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ انْتَهَى.

أَقُولُ فِي الْجَوَابِ نَظَرٌ، لِأَنَّ إطْلَاقَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ لِمِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ الْقِصَاصَ يُنْبِئُ عَنْ الْمُمَاثَلَةِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقِصَاصُ، وَعَنْ هَذَا إذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ الْمِفْصَلِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ إمْكَانِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ، وَقَدْ حَقَّقَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّلِ بَابِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بِصَدَدِ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي قَطْعِ يَدِ غَيْرِهِ عَمْدًا مِنْ الْمِفْصَلِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْأَطْرَافِ فَلَا يَنْدَرِجُ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ وَلَئِنْ سُلِّمَ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يَنْتَقِضَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ بِمَا إذَا قَطَعَتْ الْمَرْأَةُ يَدَ رَجُلٍ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى يَدِهِ فَاقْتَصَرَ الْقَطْعُ فَإِنَّهُ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ فِيهِ، وَيَصِيرُ أَرْشُ الْيَدِ وَهُوَ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ مَهْرًا لَهَا بِالْإِجْمَاعِ، صَرَّحَ بِهِ الشُّرَّاحُ قَاطِبَةً فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَعَزَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إلَى الْإِمَامِ قَاضِي خَانَ وَالْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ، وَقَالُوا: أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَلَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ الْوَاقِعِ بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَيْضًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ التَّزَوُّجُ فِي صُورَةِ الِاقْتِصَارِ أَيْضًا تَزَوُّجًا عَلَى الْقِصَاصِ، فَلَزِمَ أَنْ لَا يَتِمَّ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ وَلُزُومِ الْأَرْشِ مَهْرًا لَهَا بِالْإِجْمَاعِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَتَاجُ الشَّرِيعَةِ: فَإِنْ قِيلَ: الْوَاجِبُ فِي الْأَطْرَافِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ هُوَ الْأَرْشُ وَأَرْشُ الْيَدِ مَعْلُومٌ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَهْرُ؟ قُلْنَا: أَرْشُ الْيَدِ لَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ مَجْهُولًا فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ انْتَهَى. أَقُولُ: فِي جَوَابِ هَذَا السُّؤَالِ أَيْضًا نَظَرٌ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ أَيْضًا قَطْعًا بِالتَّزَوُّجِ عَلَى يَدِهِ فِي صُورَةِ الِاقْتِصَارِ، فَإِنَّ أَرْشَ الْيَدِ يَصِيرُ مَهْرًا لَهَا هُنَاكَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الْجَهَالَةِ النَّاشِئَةِ مِنْ عَدَمِ تَعَيُّنِ أَرْشِ الْيَدِ هُنَاكَ أَيْضًا.

ثُمَّ أَقُولُ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ صُورَةِ الْعَمْدِ أَيْضًا مِنْ مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ مِثْلَ مَا قَالَهُ فِي صُورَةِ الْخَطَإِ مِنْهَا مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ هَذَا تَزَوُّجًا عَلَى أَرْشِ الْيَدِ، إذْ الْقِصَاصُ لَا يَجْرِي فِي الْأَطْرَافِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْعَمْدِ أَيْضًا عِنْدَنَا، وَإِذَا سَرَى إلَى النَّفْسِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لِلْيَدِ وَأَنَّ الْمُسَمَّى مَعْدُومٌ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَصَحَّ وَكَانَ سَالِمًا عَنْ أَنْ يَرِدَ عَلَيْهِ السُّؤَالَانِ الْمَذْكُورَانِ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>