للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ مَالُ الْوَارِثِ

. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْوَدِيعَةَ مِنْ صَاحِبِهَا فَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ حَيًّا كَانَ إقْرَارًا بِمِلْكِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ فَلَا يُصَدِّقَانِ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ عَلَيْهِ.

قَالَ (فَإِنْ وَكَّلَ وَكِيلًا يَقْبِضُ مَالَهُ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ اسْتَوْفَاهُ فَإِنَّهُ

لَكَانَ أَوْجَهَ اهـ. أَقُولُ: لَيْسَ مَا زَادَهُ بِشَيْءٍ، أَمَّا قَوْلُهُ إنَّ مِنْ شَرْطِ الْحَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُشْتَقَّاتِ فَمَمْنُوعٌ، أَلَا يَرَى إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكُلُّ مَا دَلَّ عَلَى هَيْئَةٍ صَحَّ أَنْ يَقَعَ حَالًا مِثْلُ هَذَا بُسْرًا أَطْيَبُ مِنْهُ رُطَبًا.

وَلَئِنْ سَلِمَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ النُّحَاةِ فَجَوَازُ كَوْنِ غَيْرِ الْمُشْتَقِّ حَالًا بِالتَّأْوِيلِ بِالْمُشْتَقِّ مِمَّا لَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْ النُّحَاةِ، وَقَدْ اعْتَرَفَ بِهِ نَفْسُهُ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ بِالتَّأْوِيلِ، وَقَدْ بَيَّنَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ التَّأْوِيلَ هَاهُنَا حَيْثُ قَالَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ مَمْلُوكًا لَهُ، فَبَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الْقَدَحُ فِيهِ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْحَالِ مِنْ الْمُشْتَقَّاتِ لَغْوًا مِنْ الْكَلَامِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي أَنَّهُ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ إنَّهُ حَالٌ عَلَى تَأْوِيلِ مُتَمَوَّلًا: أَيْ لَا يَبْقَى الْمَيِّتُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُتَمَوَّلًا لَكَانَ أَوْجَهَ فَمِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَفَوَّهَ بِهِ الْعَاقِلُ لِأَنَّ الْمُتَمَوِّلَ إنَّمَا هُوَ الْمَالِكُ لَا الْمَالُ قَطْعًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَأْوِيلُ الْمَالِ بِمَا لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَجَعْلُهُ صِفَةً لَهُ، بَلْ عَلَى تَقْدِيرِ إرْجَاعِ ضَمِيرٍ لَا يَبْقَى إلَى الْمَيِّتِ لَا يَبْقَى لَهُ ارْتِبَاطٌ بِالْمَقَامِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْأَفْهَامِ (فَقَدْ اتَّفَقَا) أَيْ مُدَّعِي الْوِرَاثَةِ وَالْمُودَعُ. وَقَالَ الْعَيْنِيُّ: أَيْ الَّذِي ادَّعَى الْوِكَالَةَ وَالْمُودَعُ.

أَقُولُ: هَذَا بِنَاءً عَلَى ضَلَالِهِ السَّابِقِ وَقَدْ عَرَفْت (عَلَى أَنَّهُ) مُتَعَلِّقٌ بِاتَّفَقَا: أَيْ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ مَالَ الْوَدِيعَةِ (مَالُ الْوَارِثِ) فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ التَّسْهِيلِ: أَقُولُ فِيهِ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِالْمَوْتِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْمَرَ بِالدَّفْعِ حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي انْتَهَى فَتَأَمَّلْ

(وَلَوْ ادَّعَى) أَيْ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدٌ (أَنَّهُ اشْتَرَى الْوَدِيعَةَ مِنْ صَاحِبِهَا فَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ لَمْ يُؤْمَرْ) أَيْ لَمْ يُؤْمَرْ الْمُودَعُ (بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مُدَّعِي الشِّرَاءِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَفْرِيعًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْقُدُورِيِّ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْبِدَايَةِ، وَقَالَ فِي تَعْلِيلِهَا (لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ (مَا دَامَ حَيًّا كَانَ إقْرَارًا بِمِلْكِ الْغَيْرِ): أَيْ كَانَ إقْرَارُ الْمُودَعِ لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ إقْرَارًا بِمِلْكِ الْغَيْرِ وَهُوَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَيَّ (مِنْ أَهْلِهِ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ (فَلَا يُصَدِّقَانِ) أَيْ مُدَّعِي الشِّرَاءِ وَالْمُودَعُ الْمُصَدِّقُ إيَّاهُ (فِي دَعْوَى الْبَيْعِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ تَقَدَّمَ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ فَكَانَ ذِكْرُهُمَا تَكْرَارًا.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُمَا هُنَالِكَ بِاعْتِبَارِ الْقَضَاءِ وَهَاهُنَا بِاعْتِبَارِ الدَّعْوَى، وَلِهَذَا صَدَّرَهُمَا هَاهُنَا بِقَوْلِهِ " وَلَوْ ادَّعَى " وَهُنَاكَ بِقَوْلِهِ " وَمَنْ أَقَرَّ "، وَمَعَ هَذَا فَلَا يَخْلُو عَنْ ضَعْفٍ لِأَنَّ إيرَادَهُمَا فِي بَابِ الْوِكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ بَعِيدُ الْمُنَاسَبَةِ، إلَى هَاهُنَا كَلَامُهُ.

أَقُولُ: تَضْعِيفُهُ سَاقِطٌ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِمَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ ادِّعَاءِ الْوِكَالَةِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ اقْتَضَى ذِكْرَهُمَا عَقِيبَهَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا لَمَّا أَوْقَعَ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا أَيْضًا كَالْحُكْمِ فِيهَا أَمْ لَا ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ عَقِيبَهَا فِي بَابِهَا عَلَى سَبِيلِ التَّفْرِيعِ عَلَيْهَا إزَالَةً لِلِاشْتِبَاهِ بِبَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ إحْدَاهُمَا وَبَيَانِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْحُكْمِ مَعَ الْأُخْرَى فَكَانَ إيرَادُهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ قَرِيبَ الْمُنَاسَبَةِ

(قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (فَإِنْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِقَبْضِ مَالِهِ) أَيْ إنْ وَكَّلَ رَجُلٌ وَكِيلًا بِقَبْضِ مَالٍ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ (فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ اسْتَوْفَاهُ فَإِنَّهُ) أَيْ فَإِنَّ الْغَرِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>