رِعَايَةً لِجَانِبِهِ، وَلَا يَسْتَحْلِفُ الْوَكِيلَ لِأَنَّهُ نَائِبٌ
. قَالَ (وَإِنْ وَكَّلَهُ بِعَيْبٍ فِي جَارِيَةٍ فَادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي) بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ التَّدَارُكَ مُمْكِنٌ هُنَالِكَ بِاسْتِرْدَادِ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ إذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ عِنْدَ نُكُولِهِ، وَهَاهُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْفَسْخِ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنْ ظَهَرَ الْخَطَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ، وَلَا يَسْتَحْلِفُ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ
رِعَايَةً لِجَانِبِهِ) أَيْ جَانِبِ الْغَرِيمِ. فَإِنْ حَلَفَ مَضَى الْأَدَاءُ، وَإِنْ نَكَلَ يَتْبَعُ الْغَرِيمُ الْقَابِضَ فَيَسْتَرِدُّ مَا قَبَضَهُ (وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ نَائِبٌ) وَالنِّيَابَةُ: لَا تَجْرِي فِي الْأَيْمَانِ. وَقَالَ زُفَرُ ﵀: أَحْلَفَهُ عَلَى الْعِلْمِ، فَإِنْ نَكَلَ خَرَجَ عَنْ الْوِكَالَةِ وَالطَّالِبُ عَلَى حُجَّتِهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَطَلَتْ وِكَالَتُهُ فَجَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْغَرِيمَ يَدَّعِي حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا عَلَى الْوَكِيلِ، فَتَحْلِيفُ الْوَكِيلِ يَكُونُ نِيَابَةً وَهِيَ لَا تَجْرِي فِي الْأَيْمَانِ. بِخِلَافِ الْوَارِثِ حَيْثُ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ اسْتِيفَاءَ مُوَرِّثِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ لِلْوَارِثِ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ بِالْأَصَالَةِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ أَخْذًا مِنْ الْإِيضَاحِ
(قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَإِنْ وَكَّلَهُ بِعَيْبٍ فِي جَارِيَةٍ) أَيْ إنْ وَكَّلَهُ بِرَدِّ جَارِيَةٍ بِسَبَبِ عَيْبٍ (فَادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرَى) أَيْ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ (لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَرُدَّ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَائِعِ (حَتَّى يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي وَيَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ (بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ) حَيْثُ يُؤْمَرُ الْغَرِيمُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَكِيلِ قَبْلَ تَحْلِيفِ رَبِّ الدَّيْنِ. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَكِيلِ بِدُونِ تَحْلِيفِ الْوَكِيلِ. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِمَعْنَى الْمَقَامِ قَطْعًا، إذْ لَا مَدْخَلَ لِعَدَمِ تَحْلِيفِ الْوَكِيلِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَا يَحْلِفُ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا أَصْلًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ الْفَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ وَمَسْأَلَةِ الْعَيْبِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ فِي الدَّيْنِ حَقَّ الطَّالِبِ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ، إذْ لَيْسَ فِي دَعْوَى الِاسْتِيفَاءِ وَالْإِبْرَاءِ مَا يُنَافِي ثُبُوتَ أَصْلِ حَقِّهِ، لَكِنَّهُ يَدَّعِي الِاسْتِيفَاءَ بَعْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَكِيلِ الِاسْتِيفَاءُ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْمُسْقِطُ.
وَأَمَّا فِي الْعَيْبِ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْعَقْدِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ حَقِّهِ فِي الرَّدِّ أَصْلًا، فَالْبَائِعُ لَا يَدَّعِي مُسْقِطًا بَلْ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ فِي الرَّدِّ لَمْ يَثْبُتْ أَصْلًا، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَيَحْلِفُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَسْخٌ لِلْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ إذَا انْفَسَخَ لَا يَعُودُ، فَلَوْ أَثْبَتْنَا لَهُ حَقَّ الرَّدِّ تَضَرَّرَ بِهِ الْخَصْمُ فِي انْفِسَاخِ عَقْدِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَضَاءُ الدَّيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ فَسْخُ عَقْدِهِ، فَإِذَا حَضَرَ الْمُوَكِّلُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ يَتَوَصَّلُ الْمَطْلُوبُ إلَى قَضَاءِ حَقِّهِ فَلِهَذَا أُمِرَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الْفَرْقِ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ التَّدَارُكَ مُمْكِنٌ هُنَالِكَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ (بِاسْتِرْدَادِ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ إذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ عِنْدَ نُكُولِهِ) أَيْ نُكُولِ الْمُوَكِّلِ عَنْ الْيَمِينِ، إذْ الْقَضَاءُ لَمْ يَنْفُذْ بَاطِنًا لِأَنَّهُ مَا قَضَى إلَّا بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ فَكَانَ كَالْقَضَاءِ بِالْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَالْكِفَايَةِ (وَهَاهُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَفِي الثَّانِيَةِ أَيْ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (غَيْرُ مُمْكِنٍ) أَيْ التَّدَارُكُ غَيْرُ مُمْكِنٍ (لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْفَسْخِ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ) وَإِنْ ظَهَرَ الْخَطَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَهُ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ، وَفِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَيْضًا (وَلَا يُسْتَحْلَفُ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ مَضَى الْقَضَاءُ بِالْفَسْخِ عَلَى الصِّحَّةِ (لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ (لَا يُفِيدُ) فَإِنَّهُ لَمَّا مَضَى الْفَسْخُ وَلَا يُرَدُّ بِالنُّكُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute