وَقِيلَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنْ يُؤَخَّرَ فِي الْفَصْلَيْنِ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ حَتَّى النَّظَرَ حَتَّى يَسْتَحْلِفَ الْمُشْتَرِيَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْبَائِعِ فَيَنْتَظِرُ لِلنَّظَرِ.
قَالَ (وَمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُنْفِقُهَا عَلَى أَهْلِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةً مِنْ عِنْدِهِ فَالْعَشَرَةُ بِالْعَشَرَةِ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ وَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ قَرَرْنَاهُ فَهَذَا كَذَلِكَ
وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي فَصْلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَيْضًا لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي فِي مِثْلِ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا إنَّمَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، فَإِذَا ظَهَرَ خَطَأُ الْقَضَاءِ عِنْدَ نُكُولِ الْمُشْتَرِي رُدَّتْ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ فَلَا يُؤَخَّرُ إلَى التَّحْلِيفِ (وَقِيلَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنْ يُؤَخَّرَ) أَيْ الْقَضَاءُ (فِي الْفَصْلَيْنِ لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ (يَعْتَبِرُ النَّظَرَ) أَيْ النَّظَرَ لِلْبَائِعِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ.
أَقُولُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: أَيْ النَّظَرُ لِلْخَصْمِ لِيَكُونَ أَنْسَبَ بِالتَّعْمِيمِ لِلْفَصْلَيْنِ كَمَا سَيَنْكَشِفُ لَك (حَتَّى يَسْتَحْلِفَ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ (الْمُشْتَرِيَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْبَائِعِ) يَعْنِي أَنَّ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا وَأَرَادَ الرَّدَّ مَا لَمْ يُسْتَحْلَفْ بِاَللَّهِ مَا رَضِيت بِهَذَا الْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْبَائِعُ، فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ غَائِبًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يُرَدَّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُسْتَحْلَفْ صِيَانَةً لِقَضَائِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ وَنَظَرًا لِلْبَائِعِ وَالْمَدْيُونِ (فَيَنْتَظِرُ لِلنَّظَرِ) أَيْ فَيَنْتَظِرُ فِي الْفَصْلَيْنِ نَظَرًا لِلْبَائِعِ وَالْمَدْيُونِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ فَيَنْتَظِرُ لِلنَّظَرِ: أَيْ لِلْبَائِعِ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَظِرَ فِي الدَّيْنِ نَظَرًا لِلْغَرِيمِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: فَعَلَى هَذَا يَنْتَظِرُ عِنْدَهُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا نَظَرًا لِلْغَرِيمِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَنْتَظِرُ لِلنَّظَرِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ النَّظَرَ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَسْتَحْلِفَ الْمُشْتَرِيَ إنْ كَانَ حَاضِرًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْبَائِعِ فَيَنْتَظِرُ لِلنَّظَرِ لَهُ إنْ كَانَ غَائِبًا انْتَهَى أَقُولُ: لَا يَخْفَى مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ تَخْصِيصِ مَعْنَى نَفْسِ الْكَلَامِ بِصُورَةٍ مِنْ الْفَصْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ إلَيْهِ، فَالْوَجْهُ مَا قَرَّرْنَاهُ فَتَبَصَّرْ
(قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُنْفِقُهَا عَلَى أَهْلِهِ) أَيْ لِيُنْفِقَهَا عَلَيْهِمْ (فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةً مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (فَالْعَشَرَةُ بِالْعَشَرَةِ) أَيْ فَالْعَشَرَةُ الَّتِي أَنْفَقَهَا الْوَكِيلُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِمُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ: يَعْنِي لَا يَكُونُ الْوَكِيلُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ بَلْ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ. قَالَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ: هَذَا إذَا كَانَتْ عَشَرَةُ الدَّفْعِ قَائِمَةً وَقْتَ شِرَائِهِ النَّفَقَةَ وَكَانَ يُضِيفُ الْعَقْدَ إلَيْهَا، أَوْ كَانَ مُطْلَقًا لَكِنْ يَنْوِي تِلْكَ الْعَشَرَةَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ عَشَرَةُ الدَّافِعِ مُسْتَهْلَكَةً أَوْ كَانَ يَشْتَرِي النَّفَقَةَ بِعَشَرَةِ نَفْسِهِ وَيُضِيفُ الْعَقْدَ إلَيْهَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ تَتَعَيَّنُ فِي الْوِكَالَةِ، وَكَذَا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى غَيْرِهَا، كَذَا ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَقِيلَ لَا تَتَعَيَّنُ عِنْدَ الْعَامَّةِ لَكِنْ تَتَعَلَّقُ الْوِكَالَةُ بِبَقَائِهَا، بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ حَيْثُ تَتَعَيَّنُ اتِّفَاقًا فِيهِمَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ مَا فِي الْكِتَابِ (لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ (مَا ذَكَرْنَاهُ) مِنْ رُجُوعِ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَا أَدَّى مِنْ الثَّمَنِ (وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ) يَعْنِي فِي بَابِ الْوِكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا مُبَادَلَةٌ حُكْمِيَّةٌ (فَهَذَا) أَيْ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ التَّوْكِيلِ بِالْإِنْفَاقِ (كَذَلِكَ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَهْلِ قَدْ يُضْطَرُّ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute