للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْجَوَابِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي الثَّانِي.

قَالَ (وَمَنْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ شُجَّا فَأَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَرْشُهُمَا لِلْمَوْلَى) لِأَنَّ الْعِتْقَ غَيْرُ نَازِلٍ فِي الْمُعَيَّنِ وَالشَّجَّةُ تُصَادِفُ الْمُعَيَّنَ فَبَقِيَا مَمْلُوكَيْنِ فِي حَقِّ الشَّجَّةِ (وَلَوْ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ تَجِبُ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيَانَ إنْشَاءٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِظْهَارٌ مِنْ وَجْهٍ عَلَى مَا عُرِفَ، وَبَعْدَ الشَّجَّةِ بَقِيَ مَحِلًّا لِلْبَيَانِ فَاعْتُبِرَ إنْشَاءً فِي حَقِّهِمَا، وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَبْقَ مَحِلًّا لِلْبَيَانِ فَاعْتَبَرْنَاهُ إظْهَارًا مَحْضًا، وَأَحَدُهُمَا حُرٌّ بِيَقِينٍ فَتَجِبُ قِيمَةُ عَبْدٍ وَدِيَةُ حُرٍّ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَةُ الْمَمْلُوكِينَ، لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِقَتْلِ

فَكَانَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فِي الْمَالِ عَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ هُوَ الْمَوْلَى فَلَا اشْتِبَاهَ؛ أَلَا يَرَى إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي صُورَةِ الْعَمْدِ وَعَلَى اعْتِبَارِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لِلْعَبْدِ فَالْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ، إذْ لَا وَارِثَ سِوَاهُ فَلَا اشْتِبَاهَ فِيمَنْ لَهُ الْحَقُّ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ اخْتِلَافَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ ابْتِدَاءً كَافٍ فِي تَحَقُّقِ الِاشْتِبَاهِ الْمُقْتَضِي لِقَطْعِ الْإِعْتَاقِ السِّرَايَةِ وَاتِّحَادِهِ بِالنَّظَرِ إلَى الِانْتِهَاءِ، وَالْمَالُ غَيْرُ مُفِيدٍ فِي دَفْعِ ذَلِكَ يَتَّجِهُ الْإِشْكَالُ عَلَى صُورَةِ الْعَمْدِ، فَإِنَّ حَقَّ الْقِصَاصِ فِي هَاتِيكَ الصُّورَةِ لِلْعَبْدِ عَلَى اعْتِبَارِ حَالَةِ الْجُرْحِ لِكَوْنِ الْعَبْدِ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الْقِصَاصِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَلِلْمَوْلَى عَلَى اعْتِبَارِ حَالَةِ الْمَوْتِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّ حَقَّ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ ثَابِتٌ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ كَمَا فِي الدِّيَةِ، لِأَنَّ مِلْكَ الْقِصَاصِ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمَيِّتُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْفِعْلِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ مِنْ الْمَيِّتِ، بِخِلَافِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فِي الْأَمْوَالِ، كَمَا إذَا نَصَبَ شَبَكَةً وَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدًا بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ كُلُّهُ فِي أَوَّلِ بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ مِنْ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ فَيَلْزَمُ اشْتِبَاهُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ ابْتِدَاءً فِي صُورَةِ الْعَمْدِ أَيْضًا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ صُورَتَيْ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ عَلَى أَصْلِهِ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ عَلَى قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ فِي الدَّفْعِ

(قَوْلُهُ وَبَعْدَ الشَّجَّةِ بَقِيَ مَحَلًّا لِلْبَيَانِ فَاعْتُبِرَ إنْشَاءٌ فِي حَقِّهِمَا) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الظَّاهِرُ الْمُطَابِقُ لِوَضْعِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ: فَاعْتُبِرَ إنْشَاءُ فِي حَقِّ مَنْ أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَحَدُهُمَا الْمُتَعَيَّنُ بِالْبَيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>