للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرًّا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى ثُبُوتَ الْعِتْقِ فِي الْمَجْهُولِ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً، وَإِنَّمَا صَحَّحْنَاهُ ضَرُورَةَ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَأَثْبَتْنَا لَهُ وِلَايَةَ النَّقْلِ مِنْ الْمَجْهُولِ إلَى الْمَعْلُومِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ وَهِيَ فِي النَّفْسِ دُونَ الْأَطْرَافِ فَبَقِيَ مَمْلُوكًا فِي حَقِّهَا.

قَالَ (وَمَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ، فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى دَفَعَ عَبْدَهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النُّقْصَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ مَا نَقَصَهُ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُضَمِّنُهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَيُمْسِكُ الْجُثَّةَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الضَّمَانَ مُقَابِلًا بِالْفَائِتِ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مِلْكِهِ، كَمَا إذَا قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ فَقَأَ إحْدَى عَيْنَيْهِ. وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْمَالِيَّةَ قَائِمَةٌ فِي الذَّاتِ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الْأَطْرَافِ لِسُقُوطِ اعْتِبَارِهَا فِي حَقِّ الذَّاتِ قَصْرًا عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً

فَتَأَمَّلْ فِي التَّوْجِيهِ

(قَوْلُهُ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْمَالِيَّةَ قَائِمَةٌ فِي الذَّاتِ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الْأَطْرَافِ لِسُقُوطِ اعْتِبَارَهَا فِي حَقِّ الذَّاتِ قَصْرًا عَلَيْهِ) قَالَ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ فِي حِلِّ هَذَا الْمَقَامِ: يَعْنِي أَنَّ الْمَالِيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الْأَطْرَافِ كَمَا أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الذَّاتِ لِسُقُوطِ اعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ فِي حَقِّ الذَّاتِ قَصْرًا عَلَيْهِ: أَيْ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْمَالِيَّةِ فِي حَقِّ الذَّاتِ مُقْتَصَرًا عَلَيْهِ سَاقِطٌ بِالْإِجْمَاعِ: يَعْنِي لَمْ يَقْتَصِرْ اعْتِبَارُ الْمَالِيَّةِ عَلَى الذَّاتِ فَحَسْبُ، بَلْ اُعْتُبِرَتْ فِي حَقِّ الذَّاتِ وَالْأَطْرَافِ جَمِيعًا، هَذَا زُبْدَةُ مَا قَالُوا. أَقُولُ: فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُنَافِيًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ فِي صَدْرِ هَذَا الْفَصْلِ مِنْ قِبَلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ حَيْثُ قَالَ: وَلِأَنَّ فِيهِ: أَيْ فِي الْعَبْدِ مَعْنَى الْآدَمِيَّةِ حَتَّى كَانَ مُكَلَّفًا وَفِيهِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ وَالْآدَمِيَّةُ أَعْلَاهُمَا فَيَجِبُ اعْتِبَارُهَا بِإِهْدَارِ الْأَدْنَى عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا اهـ.

فَإِنَّ مَدْلُولَ مَا قَالَهُ هُنَاكَ أَنَّ الْمَالِيَّةَ الَّتِي هِيَ أَدْنَى مِنْ الْآدَمِيَّةِ مُهْدَرَةٌ فِي حَقِّ ذَاتِ الْعَبْدِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْآدَمِيَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرَةُ فِيهِ هِيَ الْآدَمِيَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَمَدْلُولُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمَالِيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ ذَاتِ الْعَبْدِ وَأَطْرَافِهِ جَمِيعًا عِنْدَ أَئِمَّتِنَا فَبَيْنَهُمَا تَدَافُعٌ لَا يَخْفَى. ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ الْجُمْهُورِ قَالَ فِي تَقْرِيرِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْمَالِيَّةَ قَائِمَةٌ فِي الذَّاتِ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الْأَطْرَافِ، لِأَنَّ اعْتِبَارَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>