بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ، وَحَدُّ الْمُطْبِقِ شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اعْتِبَارًا بِمَا يَسْقُطُ بِهِ الصَّوْمُ. وَعَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَصَارَ كَالْمَيِّتِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَوْلٌ كَامِلٌ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ جَمِيعُ الْعِبَادَاتِ فَقَدَّرَ بِهِ احْتِيَاطًا. قَالُوا: الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي اللَّحَاقِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ فَكَذَا وَكَالَتُهُ
الْجُنُونِ (بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ) فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَكَالَةُ لَا تَبْطُلُ بِالْإِغْمَاءِ (وَحَدُّ الْمُطْبِقِ) أَيْ حَدُّ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ (شَهْرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَرَوَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (اعْتِبَارًا بِمَا يَسْقُطُ بِهِ الصَّوْمُ) أَيْ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ.
وَقَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْجَائِزَةِ: وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالشَّهْرِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الشَّهْرِ فِي حُكْمِ الْعَاجِلِ فَكَانَ قَصِيرًا، وَالشَّهْرُ فَصَاعِدًا فِي حُكْمِ الْآجِلِ فَكَانَ طَوِيلًا (وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَصَارَ) أَيْ فَصَارَ مَنْ جُنَّ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ (كَالْمَيِّتِ) فَلَا يَصْلُحُ لِلْوَكَالَةِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَوْلٌ كَامِلٌ) قَالَ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ: قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ: قَالَ مُحَمَّدٌ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ: حَتَّى يُجَنَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَيَخْرُجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: حَتَّى يُجَنَّ شَهْرًا، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: حَتَّى يُجَنَّ سَنَةً (لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِالْحَوْلِ الْكَامِلِ (جَمِيعُ الْعِبَادَاتِ) وَأَمَّا دُونَ الْحَوْلِ فَلَا تَسْقُطُ بِهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا مُقَدَّرٌ بِالْحَوْلِ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَوْتِ (فَقُدِّرَ بِهِ) أَيْ فَقُدِّرَ حَدُّ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ بِالْحَوْلِ الْكَامِلِ (احْتِيَاطًا) قَالَ فِي الْكَافِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا قَالَ فِي التَّبْيِينِ (قَالُوا) أَيْ الْمَشَايِخُ (الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي اللَّحَاقِ) أَيْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي اللَّحَاقِ فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ، وَهُوَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَلَحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا (قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ فَكَذَا وَكَالَتُهُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ: اعْلَمْ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: نَافِذٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالِاسْتِيلَادِ وَالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ وَتَمَامِ الْوِلَايَةِ، وَبَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالنِّكَاحِ وَالذَّبِيحَةِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ وَلَا مِلَّةَ لَهُ، وَمَوْقُوفٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ الْمُسَاوَاةَ وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُرْتَدِّ مَا لَمْ يُسْلِمْ، وَمُخْتَلَفٌ فِي تَوَقُّفِهِ وَهُوَ مَا عَدَّدْنَاهُ اهـ.
وَقَالَ الشُّرَّاحُ هُنَاكَ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ مَا عَدَّدْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَمَا بَاعَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ أَمْوَالِهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ. أَقُولُ: فَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُرَادَهُ هَاهُنَا أَنَّ بَعْضَ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute