للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَنَد عِنْدَ الْإِجَازَةِ، لَكِنَّ الِاسْتِنَادَ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَائِمِ وَهَذَا قَدْ مَضَى وَتَلَاشَى، وَلِأَنَّ الْحَقِيقَةَ تَثْبُتُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَهُ يَثْبُتُ مُجَرَّدُ الْحَقِّ،

أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ قُبَيْلَهُ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْهُ: يَعْنِي أَنَّ إجَازَتَهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالسَّاقِطُ مُتَلَاشٍ لَا يَعُودُ فَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْهُ فَحِينَئِذٍ يَنْتَظِمُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَسْتَنِدُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ) وَفِي بَعْضِ النَّسْخِ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ (لَكِنَّ الِاسْتِنَادَ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَائِمِ وَهَذَا قَدْ مَضَى وَتَلَاشَى) هَذَا جَوَابٌ عَنْ شُبْهَةٍ تَرِدُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ، وَهِيَ أَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ وَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ الْمَرَضِ، فَبِالْمَوْتِ يَظْهَرُ أَنَّ حَقَّهُمْ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِيرَ إجَازَتُهُمْ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ بِمَنْزِلَةِ إجَازَتِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَبَبِ الِاسْتِنَادِ. فَأَجَابَ بِأَنَّ الِاسْتِنَادَ. إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَائِمِ كَمَا فِي الْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَحِقَتْهَا الْإِجَازَةُ فَإِنَّهَا تَصِحُّ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَائِمًا، وَكَثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الْمَغْصُوبِ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ، وَهَذَا أَيْ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْإِجَازَةِ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ قَدْ مَضَى وَتَلَاشَى لِكَوْنِهِ لَغْوًا وَقْتَئِذٍ فَلَمْ يَكُنْ قَائِمًا فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الِاسْتِنَادِ. هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ، وَإِلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَشَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ كَمَا فَصَّلَ فِي النِّهَايَةِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي تَقْرِيرِ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ هُنَا: فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ مُصَادَفَةِ الْمَحِلِّ فَإِنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ ثَبَتَ فِي مَالِ الْمُوَرِّثِ مِنْ أَوَّلِ الْمَرَضِ حَتَّى مُنِعَ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثَيْنِ، فَلَمَّا مَاتَ ظَهَرَ أَنَّهَا صَادَفَتْ مَحِلَّهَا فَصَارَتْ كَإِجَازَتِهِمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ بِسَبَبِ الِاسْتِنَادِ.

أَجَابَ بِقَوْلِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ: يَعْنِي أَنَّ حَقَّهُمْ وَإِنْ اسْتَنَدَ إلَى أَوَّلِ الْمَرَضِ لَكِنَّ الِاسْتِنَادَ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَائِمِ يَعْنِي كَمَا فِي الْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَحِقَتْهَا الْإِجَازَةُ، وَكَثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الْغَصْبِ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِيهِمَا مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الْعَقْدِ وَالْغَصْبِ، وَهَذَا يَعْنِي مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْإِجَازَةِ قَدْ مَضَى وَتَلَاشَى حِينَ وَقَعَ إذْ لَمْ يُصَادِفْ مَحِلَّهُ فَلَا يَلْحَقُهَا الِاسْتِنَادُ انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ خَلَلٌ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ تَقْرِيرِ السُّؤَالِ: لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ مُصَادَفَةِ الْمَحِلِّ وَاسْتَنَدَ إلَى مَنْعِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ ثَبَتَ فِي مَالِ الْمُوَرِّثِ مِنْ أَوَّلِ الْمَرَضِ حَتَّى مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثَيْنِ.

وَقَالَ فِي آخِرِ تَقْرِيرِ الْجَوَابِ تَعْلِيلًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَهَذَا قَدْ مَضَى وَتَلَاشَى إذْ لَمْ يُصَادِفْ مَحِلَّهُ، وَعَدَمُ مُصَادِفَتِهِ الْمَحِلَّ هُوَ الَّذِي قَدْ كَانَ مُنِعَ فِي أَوَّلِ السُّؤَالِ فَخَتْمُ الْجَوَابِ بِهِ مُصَادَرَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْحَقِيقَةَ تَثْبُتُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَهُ يَثْبُتُ مُجَرَّدُ الْحَقِّ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ آنِفًا مِنْ قَوْلِهِ إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ عِنْدَ الْمَوْتِ، إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ثُبُوتُهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى. أَقُولُ: مَنْشَأُ تَوَهُّمِ الْمُخَالَفَةِ الْغُفُولُ عَنْ قَيْدِ مُجَرَّدٍ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَبْلَهُ يَثْبُتُ مُجَرَّدُ الْحَقِّ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَقُّ الَّذِي لَا يُجَامِعُ الْحَقِيقَةَ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْمُوَرِّثِ فِي الثُّلُثَيْنِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا تَقَرَّرَ مِنْ قَبْلُ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ حَقُّ الْوَرَثَةِ إلَى آخِرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ فِي قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ آنِفًا، إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ عِنْدَ الْمَوْتِ هُوَ الْحَقُّ الْمَجَامِعُ لِلْحَقِيقَةِ فَلَا مُخَالَفَةَ أَصْلًا. وَأَمَّا الْحَقُّ الثَّابِتُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِكَوْنِ الِاسْتِنَادِ فَرْعَ تَحَقُّقِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ الَّتِي تَثْبُتُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>