للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ اسْتَنَدَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَنْقَلِبُ حَقِيقَةً قَبْلَهُ، وَالرِّضَا بِبُطْلَانِ الْحَقِّ لَا يَكُونُ رِضًا بِبُطْلَانِ الْحَقِيقَةِ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ وَأَجَازَهُ الْبَقِيَّةُ فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقَبْلَهُ يَثْبُتُ مُجَرَّدُ الْحَقِّ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ بِالنَّظَرِ إلَى رَبْطِ مَا بَعْدَهُ بِهِ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَنَدَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَانْقَلَبَ حَقِيقَةً قَبْلَهُ) يَعْنِي لَوْ اسْتَنَدَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ إلَى أَوَّلِ الْمَرَضِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَانْقَلَبَ الْحَقُّ حَقِيقَةً قَبْلَ الْمَوْتِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ لِاسْتِلْزَامِهِ وُقُوعَ الْحُكْمِ قَبْلَ السَّبَبِ وَهُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ دَفْعًا لِوَهْمِ مَنْ يَقُولُ: حَقُّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الْمُوَرِّثِ مِنْ أَوَّلِ الْمَرَضِ حَتَّى مَنَعَ ذَلِكَ التَّعَلُّقُ تَصَرُّفَ الْمُوَرِّثِ فِي الثُّلُثَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَظْهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ فِي حَقِّ إسْقَاطِهِمْ بِالْإِجَازَةِ أَيْضًا. وَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا لَانْقَلَبَ الْحَقُّ حَقِيقَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِمَا مَرَّ انْتَهَى.

أَقُولُ: لِمَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَ اسْتِلْزَامَ أَنْ يُظْهِرَ أَثَرُ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ فِي حَقِّ إسْقَاطِهِمْ بِالْإِجَازَةِ أَيْضًا انْقِلَابَ الْحَقِّ حَقِيقَةً أَصْلًا فَضْلًا عَنْ اسْتِلْزَامِهِ انْقِلَابَهُ إيَّاهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِجَوَازِ أَنْ يُظْهِرَ أَثَرُ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ مُجَرَّدَ تَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِمَالِ الْمُوَرِّثِ مِنْ أَوَّلِ الْمَرَضِ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ مَعًا بِدُونِ أَنْ يَنْقَلِبَ الْحَقُّ حَقِيقَةً أَصْلًا، إذْ لَا رَيْبَ أَنَّ لُزُومَ ذَلِكَ الِانْقِلَابِ لَيْسَ بِبَدِيهِيٍّ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ، وَلِهَذَا وَقَعَ عَلَى اعْتِبَارِ إجَازَتِهِمْ قَبْلَ الْمَوْتِ أَيْضًا اجْتِهَادُ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ كَمَا ذَكَرُوا.

ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ: الْوَارِثُ إذَا عَفَا عَنْ جَارِحِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْ الِاسْتِنَادِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قَلْبُ الْحَقِّ حَقِيقَةً، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْقَلْبُ مَانِعًا. أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا الْقَلْبَ مَانِعٌ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ السَّبَبُ وَالْجُرْحُ سَبَبُ الْمَوْتِ وَقَدْ تَحَقَّقَ بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ، فَإِنَّ السَّبَبَ لَمْ يَتَحَقَّقْ ثَمَّةَ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>