وَالْهِبَةُ مِنْ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ فِي هَذَا نَظِيرُ الْوَصِيَّةِ) لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ حُكْمًا حَتَّى تَنْفُذَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ عَلَى عَكْسِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْحَالِ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَقْتَ الْإِقْرَارِ.
عَلَى الثُّلُثِ وَبِالْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ عَلَى عَكْسِهِ) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: أَيْ عَلَى عَكْسِ الْوَصِيَّةِ بِتَأْوِيلِ الْإِيصَاءِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: أَيْ عَلَى عَكْسِ الْوَصِيَّةِ بِتَأْوِيلِ الْإِيصَاءِ أَوْ الْمَذْكُورِ. وَرَدَّ عَلَيْهِ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنْ قَالَ: الْوَصِيَّةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ بِالْهَاءِ لَا الْمَذْكُورُ فَالْأَوْلَى أَوْ مَا ذَكَرَ انْتَهَى. أَقُولُ: رَدُّهُ سَاقِطٌ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ هِيَ الْمَذْكُورَةَ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ لَا الْمَذْكُورَ أَنْ لَوْ كَانَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ حَرْفَ تَعْرِيفٍ. وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأَدَبِ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ عِنْدَ غَيْرِ الْمَازِنِيِّ مِنْ عَامَّةِ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ اسْمٌ مَوْصُولٌ لَا حَرْفُ تَعْرِيفٍ وَصِلَتُهُ اسْمُ الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ، فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ لَفْظُ الْمَذْكُورِ فِي مَعْنَى مَا ذَكَرَ فَيَعُودُ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ إلَى الْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ، وَلَا يَلْزَمُ إلْحَاقُ تَاءِ التَّأْنِيثِ بِصِلَتِهِ لِعَدَمِ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ فِي لَفْظِ ذَلِكَ الْمَوْصُولِ، فَإِنَّهُ فِي اللَّفْظِ مُفْرَدٌ مُذَكَّرٌ صَالِحٌ لِلْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ وَالْمُؤَنَّثِ أَيْضًا كَكَلِمَةِ " مَا " وَكَلِمَةِ " مَنْ " كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
نَعَمْ يَجُوزُ إلْحَاقُهَا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِذَلِكَ هُنَا وَهُوَ الْوَصِيَّةُ، لَكِنَّ الْأَمْرَ فِي كَلِمَةِ مَا أَيْضًا كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَذْكُورِ وَمَا ذُكِرَ فِي جَوَازِ تَذْكِيرِ الصِّلَةِ نَظَرًا إلَى لَفْظِ الْمَوْصُولِ وَجَوَازِ تَأْنِيثِهَا نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِالْمَوْصُولِ. وَعَنْ هَذَا تَرَى ثِقَاتِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يُؤَوِّلُونَ الْمُؤَنَّثَ الَّذِي عُبِّرَ عَنْهُ بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ أَوْ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ الْمُذَكَّرِ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى مِنْ كُتُبِ عِلْمِ الْبَلَاغَةِ بَلْ فِي التَّفَاسِيرِ أَيْضًا بِالْمَذْكُورِ كَمَا يُؤَوِّلُونَهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute