للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ قَالَ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَهُ ثُلُثُ مَالِي وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَيَدْخُلُ السُّدُسُ فِيهِ، وَمَنْ قَالَ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي غَيْرِهِ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ فَلَهُ سُدُسٌ وَاحِدٌ) لِأَنَّ السُّدُسَ ذُكِرَ مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَالِ، وَالْمَعْرِفَةُ إذَا أُعِيدَتْ يُرَادُ بِالثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ هُوَ الْمَعْهُودُ فِي اللُّغَةِ.

قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ أَوْ بِثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَ ثُلُثَا ذَلِكَ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ جَمِيعُ مَا بَقِيَ) وَقَالَ زُفَرُ: لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَالْمَالُ الْمُشْتَرَكُ يُتْوَى مَا تُوِيَ مِنْهُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَيَبْقَى مَا بَقِيَ عَلَيْهَا وَصَارَ كَمَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً. وَلَنَا أَنَّ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ يُمْكِنُ جَمِيعُ حَقِّ أَحَدِهِمْ فِي الْوَاحِدِ وَلِهَذَا يَجْرِي فِيهِ الْجَبْرُ عَلَى الْقِسْمَةِ وَفِيهِ جَمْعٌ وَالْوَصِيَّةُ

بِتَقْصِيرٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَمْ يَنُبْ عَنْهُ وَرَثَتُهُ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِمَجْهُولٍ لِعَدَمِ ثُبُوتِ حَقِّ الْغَيْرِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَقَبْلَ مَوْتِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِتَرِكَتِهِ وَلَا يُمْكِنُ جَبْرُهُ فَيُجْبَرُ مَنْ يَقُومُ مُقَامَهُ إحْيَاءً لِحَقٍّ ثَابِتٍ اهـ.

أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِسَدِيدٍ، لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْمَقِيسُ فِي مَعْنَى الْمَقِيسِ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، بَلْ يَكْفِي الِاشْتِرَاكُ فِي عِلَّةٍ هِيَ مَدَارُ الْحُكْمِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، فَمُجَرَّدُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ فِي كَوْنِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَفِي الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَضُرُّ بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ الْمُنْفَهِمِ مِمَّا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّسْهِيلِ، وَإِنَّمَا يَضُرُّ بِهَا الْفَرْقُ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ مَدَارُ الْحُكْمِ، وَهُوَ لَيْسَ بِمُتَحَقِّقٍ هُنَا، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَدَارُ ثُبُوتِ الْجَبْرِ بِالْبَيَانِ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي الَّذِينَ يَقُومُونَ مُقَامَ الْمُوصِي إحْيَاءَ حَقٍّ ثَابِتٍ بِالْوَصِيَّةِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْجَبْرُ بِالْبَيَانِ لِوَرَثَةِ الْمُقِرِّ بِالْمَجْهُولِ أَيْضًا إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا إحْيَاءً لِحَقٍّ ثَابِتٍ بِالْإِقْرَارِ، فَقَوْلُ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَإِذَا فَاتَ الْجَبْرُ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ بِوَفَاتِهِ سَقَطَ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ الْحَقُّ أَصْلًا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ حُقُوقُ الْعِبَادِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَالِ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بَلْ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ الْجَبْرُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَإِنْ كَانَ بَقِيَ أَصْلُ الْحَقِّ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ قَوْلَهُ فَلَمْ يَنُبْ عَنْهُ وَرَثَتُهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا بَقِيَ حَقُّ الْمُقِرِّ عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَجْهُولًا مُحْتَاجًا إلَى الْبَيَانِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَضَاءِ بِالْمَجْهُولِ وَكَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ عَاجِزًا عَنْ الْبَيَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ وَرَثَتُهُ فِي الْبَيَانِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ تَأَمَّلْ تَقِفْ

(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَهُ ثُلُثُ مَالِي وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَيَدْخُلُ السُّدُسُ فِيهِ) لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ زِيَادَةَ السُّدُسِ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ الثُّلُثُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>