للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْأَبَ يَلِي مَا سِوَاهُ وَلَا يَلِيهِ، فَكَذَا وَصِيُّهُ فِيهِ. وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَصِيُّ غَيْرَ الْعَقَارِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ عَلَى الْكَبِيرِ، إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَاهُ لِمَا أَنَّهُ حُفِظَ لِتَسَارُعِ الْفَسَادِ إلَيْهِ، وَحِفْظُ الثَّمَنِ أَيْسَرُ وَهُوَ يَمْلِكُ الْحِفْظَ، أَمَّا الْعَقَارُ فَمُحْصَنٌ بِنَفْسِهِ. قَالَ (وَلَا يَتْجُرُ فِي الْمَالِ) لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهِ الْحِفْظُ دُونَ التِّجَارَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: وَصِيُّ الْأَخِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ الْغَائِبِ بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ فِي الْكَبِيرِ الْغَائِبِ، وَكَذَا وَصِيُّ الْأُمِّ وَوَصِيُّ الْعَمِّ. وَهَذَا الْجَوَابُ فِي تَرِكَةِ هَؤُلَاءِ لِأَنَّ وَصِيَّهُمْ قَائِمٌ مُقَامَهُمْ وَهُمْ يَمْلِكُونَ مَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ فَكَذَا وَصِيُّهُمْ.

قَوْلُهُ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَصِيُّ غَيْرَ الْعَقَارِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْأَبُ عَلَى الْكَبِيرِ) قَالَ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ: قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ عَلَى الْكَبِيرِ فِي صُورَةِ التَّنَاقُضِ لِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَبَ يَلِي مَا سِوَاهُ وَيَتَقَصَّى عَنْهُ بِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُهُ بِالْوِلَايَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَيَمْلِكُهُ بِجِهَةِ الْحِفْظِ وَالنَّظَرِ انْتَهَى.

أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ فِي وَجْهِ التَّقَصِّي عَنْ التَّنَاقُضِ لَيْسَ بِتَامٍّ، لِأَنَّ الْوَصِيَّ أَيْضًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَ الْعِقَابِ عَلَى الْكَبِيرِ بِالْوِلَايَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إنَّمَا يَمْلِكُهُ عَلَيْهِ بِجِهَةِ الْحِفْظِ وَالنَّظَرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ، فَإِنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَصِيُّ غَيْرَ الْعَقَارِ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ الْوَصِيُّ بِجِهَةِ الْحِفْظِ وَالنَّظَرِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ السِّيَاقِ وَالسِّيَاقُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ عَلَى الْكَبِيرِ: أَيْ لَا يَمْلِكُهُ عَلَيْهِ بِجِهَةِ الْحِفْظِ وَالنَّظَرِ أَيْضًا، وَهَذَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْمَزْبُورُ فِي وَجْهِ التَّقَصِّي عَنْ التَّنَاقُضِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ الْوَصِيُّ بِالْوِلَايَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقِيَاسُ مَتْرُوكًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُتْرَكْ قَطُّ، إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>