بِخِلَافِ النِّتَاجِ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَكَذَا عَلَى الْإِعْتَاقِ وَأُخْتَيْهِ وَعَلَى الْوَلَاءِ الثَّابِتِ بِهَا
. قَالَ (وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَأَلْزَمَهُ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُقْضَى بِهِ بَلْ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِذَا حَلَفَ يَقْضِي بِهِ لِأَنَّ النُّكُولَ يَحْتَمِلُ التَّوَرُّعَ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَالتَّرَفُّعَ عَنْ الصَّادِقَةِ وَاشْتِبَاهَ الْحَالِ فَلَا يَنْتَصِبُ حُجَّةً مَعَ الِاحْتِمَالِ، وَيَمِينُ الْمُدَّعِي دَلِيلُ الظُّهُورِ فَيُصَارُ إلَيْهِ. وَلَنَا أَنَّ النُّكُولَ دَلَّ عَلَى كَوْنِهِ بَاذِلًا أَوْ مُقِرًّا، إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَأَقْدَمَ عَلَى الْيَمِينِ إقَامَةً لِلْوَاجِبِ وَدَفْعًا
«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ.
فَالْأَظْهَرُ فِي الِاسْتِدْلَالِ مِنْ قَبْلِنَا عَلَى مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّ لَنَا قَوْلَهُ ﵊ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» فَإِنَّهُ ﵊ جَعَلَ جَمِيعَ الْبَيِّنَةِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، لِأَنَّ اللَّامَ فِي الْبَيِّنَةِ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ لِعَدَمِ الْعَهْدِ فَلَمْ يَبْقَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ، وَالْمُدَّعِي اسْمٌ لِمَنْ يَدَّعِي الشَّيْءَ وَلَا دَلَالَةَ مَعَهُ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ مُدَّعِي النُّبُوَّةِ وَالْخَارِجُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ مَعَهُ عَلَى الْمِلْكِ، بِخِلَافِ ذِي الْيَدِ فَإِنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ انْتَهَى (بِخِلَافِ النِّتَاجِ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ) فَكَانَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ كَبَيِّنَةِ الْخَارِجِ مُثْبِتَةً لَهُ لَا مُؤَكِّدَةً فَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ لِلْإِثْبَاتِ فَتَرَجَّحَتْ إحْدَاهُمَا بِالْيَدِ، وَكَذَا الْحَالُ فِي النِّكَاحِ، إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْهُ مِنْ بَيْنِ أَخَوَاتِهِ إمَّا نِسْيَانًا وَإِمَّا اعْتِمَادًا عَلَى مَعْرِفَةِ حَالِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي النِّتَاجِ (وَكَذَا عَلَى الْإِعْتَاقِ وَأُخْتَيْهِ) أَيْ وَكَذَا الْيَدُ لَا تَدُلُّ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَأُخْتَيْهِ وَهُمَا الِاسْتِيلَادُ وَالتَّدْبِيرُ، فَاسْتَوَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْإِثْبَاتِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْضًا فَتَرَجَّحَتْ إحْدَاهُمَا بِالْيَدِ (وَعَلَى الْوَلَاءِ الثَّابِتِ بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ: الْإِعْتَاقُ، وَالِاسْتِيلَادُ، وَالتَّدْبِيرُ: يَعْنِي أَنَّ الْيَدَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْوَلَاءِ الثَّابِتِ بِهَا أَيْضًا فَاسْتَوَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَتَرَجَّحَتْ إحْدَاهُمَا بِالْيَدِ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ) أَيْ قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ (وَأَلْزَمَهُ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِي.
وَفِي بَعْضِ نُسَخِ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ: وَلَزِمَهُ بَدَلٌ وَأَلْزَمَهُ: أَيْ وَلَزِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِي (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَقْضِي بِهِ) أَيْ بِالنُّكُولِ (بَلْ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِذَا حَلَفَ) الْمُدَّعِي (يَقْضِي بِهِ) أَيْ يَقْضِي لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي أَيْضًا انْقَطَعَتْ الْمُنَازَعَةُ (لِأَنَّ النُّكُولَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا يُقْضَى بِهِ (يَحْتَمِلُ التَّوَرُّعَ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَالتَّرَفُّعَ عَنْ الصَّادِقَةِ) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ ﵁ أَنَّهُ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يُوَافِقَهَا قَضَاءٌ فَيُقَالُ إنَّ عُثْمَانَ حَلَفَ كَاذِبًا، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ (وَاشْتِبَاهَ الْحَالِ) أَيْ وَيَحْتَمِلُ اشْتِبَاهُ الْحَالِ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَدْرِيَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي إنْكَارِهِ فَيَحْلِفَ أَوْ كَاذِبٌ فِيهِ فَيَمْتَنِعَ (فَلَا يَنْتَصِبُ) أَيْ لَا يَنْتَصِبُ نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حُجَّةً مَعَ الِاحْتِمَالِ) الْمَذْكُورِ (وَيَمِينُ الْمُدَّعِي دَلِيلُ الظُّهُورِ) أَيْ دَلِيلُ ظُهُورِ كَوْنِ الْمُدَّعِي مُحِقًّا (فَيُصَارُ إلَيْهِ) أَيْ فَيَرْجِعُ إلَى يَمِينِ الْمُدَّعِي (وَلَنَا أَنَّ النُّكُولَ) أَيْ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (دَلَّ عَلَى كَوْنِهِ بَاذِلًا) أَيْ دَلَّ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَاذِلًا إنْ كَانَ النُّكُولُ بَذْلًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ (أَوْ مُقِرًّا) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ مُقِرًّا إنْ كَانَ النُّكُولُ إقْرَارًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا (وَلَوْلَا ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْلَا كَوْنُهُ بَاذِلًا أَوْ مُقِرًّا (لَأَقْدَمَ عَلَى الْيَمِينِ إقَامَةً لِلْوَاجِبِ) وَهُوَ الْيَمِينُ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ ﷺ «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَكَلِمَةُ عَلَى لِلْوُجُوبِ (وَدَفْعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute