عَلَى الْمُدَّعِي لِمَا قَدَّمْنَاهُ.
قَالَ (وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ إنِّي أَعْرِضُ عَلَيْك الْيَمِينَ ثَلَاثًا، فَإِنْ حَلَفْت وَإِلَّا قَضَيْت عَلَيْك بِمَا ادَّعَاهُ) وَهَذَا الْإِنْذَارُ لِإِعْلَامِهِ بِالْحُكْمِ إذْ هُوَ مَوْضِعُ الْخَفَاءِ
. قَالَ (فَإِذَا كَرَّرَ الْعَرْضَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ) وَهَذَا التَّكْرَارُ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ ﵀ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي إبْلَاءِ الْعُذْرِ، فَأَمَّا الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَوْ قُضِيَ بِالنُّكُولِ بَعْدَ الْعَرْضِ مَرَّةً جَازَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ هُوَ الصَّحِيحُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى
عَلَى الْمُدَّعِي لِمَا قَدَّمْنَاهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِقَوْلِهِ ﷺ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» إلَخْ، وَنَحْنُ أَيْضًا قَدَّمْنَا وَاسْتَوْفَيْنَا هُنَاكَ دَلِيلَ الشَّافِعِيِّ فِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَأَجْوِبَتَنَا عَنْهُ نَقْلًا عَنْ الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَتَذَكَّرْ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إنِّي أَعْرِضُ عَلَيْك الْيَمِينَ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (فَإِنْ حَلَفْت) أَيْ إنْ حَلَفْت خَلَصْتَ أَوْ تَرَكْتُك (وَإِلَّا قَضَيْت عَلَيْك بِمَا ادَّعَاهُ) أَيْ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا الْإِنْذَارُ) أَيْ قَوْلُ الْقَاضِي وَإِلَّا قَضَيْت عَلَيْك بِمَا ادَّعَاهُ (لِإِعْلَامِهِ بِالْحُكْمِ) أَيْ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ (إذْ هُوَ مَوْضِعُ الْخَفَاءِ) لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ، فَإِنَّ لِلشَّافِعِيِّ خِلَافًا فِيهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ بِالنُّكُولِ فَوَجَبَ أَنْ يُعَرِّفَهُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَنْكُلَ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (فَإِذَا كَرَّرَ الْعَرْضَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا التَّكْرَارُ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي إبْلَاءِ الْأَعْذَارِ) أَيْ فِي إظْهَارِهَا: يَعْنِي أَنَّ هَذَا التَّكْرَارَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ، وَنَظِيرُهُ إمْهَالُ الْمُرْتَدِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ؛ وَأَوْضَحَ هَذَا بِقَوْلِهِ (فَأَمَّا الْمَذْهَبُ فَإِنَّهُ لَوْ قُضِيَ بِالنُّكُولِ بَعْدَ الْعَرْضِ مَرَّةً جَازَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ) مِنْ أَنَّ النُّكُولَ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ وَلَيْسَ التَّكْرَارُ بِشَرْطٍ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهُ لَوْ قَضَى بِالنُّكُولِ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا يَنْفُذُ، كَذَا فِي أَكْثَرِ الشُّرُوحِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ صَاحِبِ الْكَافِي وَالتَّقْدِيرُ بِالثَّلَاثِ فِي عَرْضِ الْيَمِينِ لَازِمٌ فِي الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ، حَتَّى لَوْ قَضَى بِالنُّكُولِ مَرَّةً نَفَذَ قَضَاؤُهُ فِي الصَّحِيحِ انْتَهَى.
وَقَالَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ: احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الْخَصَّافِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ انْتَهَى.
أَقُولُ: هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ صَحِيحٍ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ بَعْدَمَا صَرَّحَ بِأَنَّ الْخَصَّافَ ذَكَرَ التَّكْرَارَ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي إبْلَاءِ الْأَعْذَارِ كَيْفَ يَزْعُمُ أَنَّهُ اشْتَرَطَ التَّكْرَارَ فَيُحْتَرَزُ عَنْ قَوْلِهِ (وَالْأَوَّلُ أَوْلَى) أَيْ الْعَرْضُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْلَى: يَعْنِي أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنُّكُولِ بَعْدَ الْعَرْضِ مَرَّةً جَائِزٌ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى هُوَ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ بَعْدَ الْعَرْضِ ثَلَاثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute