للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى نِكَاحًا لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْمُنْكِرُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُ فِي النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ وَالرِّقِّ وَالِاسْتِيلَادِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالْحُدُودِ وَاللِّعَانِ. وَقَالَا: يُسْتَحْلَفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَاللِّعَانِ

غَايَةِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْأَقْطَعِ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى نِكَاحًا لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْمُنْكِرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُ) يُرِيدُ بِهِ التَّعْمِيمَ بَعْدَ تَخْصِيصِ النِّكَاحِ بِالذِّكْرِ (فِي النِّكَاحِ) أَيْ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَوْ بِالْعَكْسِ (وَالرَّجْعَةِ) أَيْ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُ فِي دَعْوَى الرَّجْعَةِ أَيْضًا بِأَنْ ادَّعَى بَعْدَ الطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَأَنْكَرَتْ أَوْ بِالْعَكْسِ (وَالْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ) أَيْ فِي دَعْوَى الْفَيْءِ بِالْإِيلَاءِ أَيْضًا بِأَنْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَنَّهُ كَانَ فَاءَ إلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَتْ أَوْ بِالْعَكْسِ (وَالرِّقِّ) أَيْ وَفِي دَعْوَى الرِّقِّ أَيْضًا بِأَنْ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولِ النَّسَبِ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَنْكَرَ الْمَجْهُولُ أَوْ بِالْعَكْسِ (وَالِاسْتِيلَادِ) أَيْ وَفِي دَعْوَى الِاسْتِيلَادِ أَيْضًا بِأَنْ ادَّعَتْ أَمَةٌ عَلَى مَوْلَاهَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْعَكْسُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ (وَالنَّسَبِ) أَيْ وَفِي دَعْوَى النَّسَبِ أَيْضًا بِأَنْ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ وَالِدُهُ وَأَنْكَرَ الْمَجْهُولُ أَوْ بِالْعَكْسِ.

(وَالْوَلَاءِ) أَيْ وَفِي دَعْوَى الْوَلَاءِ أَيْضًا بِأَنْ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولِ النَّسَبِ أَنَّهُ مُعْتِقُهُ وَمَوْلَاهُ وَأَنْكَرَ الْمَجْهُولُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ، إذْ الْوَلَاءُ يَشْمَلُ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءَ الْمُوَالَاةِ (وَالْحُدُودِ) أَيْ وَفِي دَعْوَى الْحُدُودِ أَيْضًا بِأَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَا يُوجِبُ حَدًّا مِنْ الْحُدُودِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ (وَاللِّعَانِ) أَيْ وَفِي دَعْوَى اللِّعَانِ أَيْضًا بِأَنْ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَذَفَهَا بِمَا يُوجِبُ اللِّعَانَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ هَاهُنَا، إلَّا اللِّعَانَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِيهِ وَلَكِنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُسْتَحْلَفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَاللِّعَانِ) فَتَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِي الْحُدُودِ وَاللِّعَانِ عَلَى قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْأَشْيَاءِ السَّبْعَةِ الْبَاقِيَةِ.

وَفِي الْكَافِي قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَقِيلَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يُحَلِّفُهُ وَيَأْخُذُهُ بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا لَا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِ انْتَهَى. وَفِي النِّهَايَةِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مَالًا، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ دَعْوَى مَالٍ بِأَنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَأَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ فِي قَوْلِهِمْ، فَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ بِنِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى مَا يَجِيءُ بَعْدَ هَذَا فِي الْكِتَابِ. وَسُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ تَعْلَمُ بِالنِّكَاحِ وَلَا تَجِدُ بَيِّنَةً تُقِيمُهَا لِإِثْبَاتِ النِّكَاحِ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ مَاذَا يَصْنَعُ الْقَاضِي حَتَّى لَا تَبْقَى هَذِهِ الْمَرْأَةُ مُعَلَّقَةً أَبَدَ الدَّهْرِ؟ قَالَ يَسْتَحْلِفُهُ الْقَاضِي إنْ كَانَتْ هَذِهِ امْرَأَةً لَك فَهِيَ طَالِقٌ حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ إنْ كَانَتْ امْرَأَتَهُ فَتَتَخَلَّصُ مِنْهُ وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ.

وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ الْيَمِينِ أَنَّ الْفَقِيهَ أَبَا اللَّيْثِ أَخَذَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>