قَالَ: (فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ ثُمَّ اخْتَلَفَا لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَقَالَ مُحَمَّدٌ ﵀: يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ﵀، وَعَلَى هَذَا إذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِالْعَيْبِ. لَهُمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي غَيْرَ الْعَقْدِ الَّذِي يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ وَأَنَّهُ يُفِيدُ دَفْعَ زِيَادَةِ الثَّمَنِ
لِأَنَّ بِانْعِدَامِهِ لَا يَخْتَلُّ مَا بِهِ قِوَامُ الْعَقْدِ لِبَقَاءِ مَا يَحْصُلُ ثَمَنًا، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ ثُمَّ اخْتَلَفَا) أَيْ فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ، وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ إلَى الْمَبْسُوطِ (لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ (إذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكُ الْمُشْتَرِي (أَوْ صَارَ) أَيْ الْمَبِيعُ (بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (عَلَى رَدِّهِ بِالْعَيْبِ) بِحُدُوثِ عَيْبٍ فِي يَدِهِ (لَهُمَا) أَيْ لِمُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ (أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (يَدَّعِي غَيْرَ الْعَقْدِ الَّذِي يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ) فَإِنَّ الْبَيْعَ بِأَلْفٍ غَيْرُ الْبَيْعِ بِأَلْفَيْنِ؛ أَلَا يَرَى أَنَّ شَاهِدَيْ الْبَيْعِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (وَأَنَّهُ يُفِيدُ دَفْعَ زِيَادَةِ الثَّمَنِ) اعْلَمْ أَنَّ حَلَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ وَرَبْطَهَا بِالْمَقَامِ مِنْ مُشْكِلَاتِ هَذَا الْكِتَابِ، وَلِهَذَا كَانَ لِلشُّرَّاحِ هَاهُنَا طَرَائِقُ قِدَدٌ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِمَا يَشْفِي الْغَلِيلَ.
فَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: أَيْ وَأَنَّ التَّحَالُفَ يُفِيدُ إعْطَاءَ الْمُشْتَرِي زِيَادَةَ الثَّمَنِ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْبَائِعُ عَلَى تَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْحَلِفِ، فَإِنَّ فَائِدَةَ الْيَمِينِ النُّكُولُ، وَهَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: مَا فَائِدَةُ التَّحْلِيفِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ بَعْدَ الْهَلَاكِ مَعَ عَدَمِ حُكْمِهِ فَإِنَّ حُكْمَ التَّحَالُفِ التَّرَادُّ وَامْتَنَعَ التَّرَادُّ بِالْهَلَاكِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّحَالُفِ. فَأَجَابَ عَنْهُ وَقَالَ: بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ دَفْعُ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْبَائِعُ عَلَى تَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ يَتَحَالَفَانِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يَحْصُلُ بِتَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute