للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا بِالتَّرَاضِي وَلَمْ يُوجَدْ فَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا) مَعْنَاهُ اخْتَلَفَا فِي الْبَدَلِ أَوْ فِي الْمُبْدَلِ لِأَنَّ التَّحَالُفَ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى وِفَاقِ الْقِيَاسِ عَلَى مَا مَرَّ، وَالْإِجَارَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ نَظِيرُ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَكَلَامُنَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ (فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ

إلَّا بِالتَّرَاضِي وَلَمْ يُوجَدْ) أَيْ التَّرَاضِي (فَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: (مَعْنَاهُ اخْتَلَفَا فِي الْبَدَلِ) أَيْ الْأُجْرَةِ (أَوْ فِي الْمُبْدَلِ) أَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ، وَهَذَا احْتِرَازٌ عَنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا فِيهِ. بَلْ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ كَانَ أَنْ يَزِيدَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْبَدَلِ أَوْ الْمُبْدَلِ أَوْ فِيهِمَا كَمَا زَادَهُ صَاحِبُ الْكَافِي لِيَتَنَاوَلَ الصُّوَرَ الثَّلَاثَةَ الْآتِيَةَ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فِي الْبَدَلِ أَوْ الْمُبْدَلِ مَنْعَ الْخُلُوِّ احْتِرَازًا عَمَّا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا لَا مَنْعَ الْجَمْعِ فَيَتَنَاوَلُهُمَا أَيْضًا فَتَدَبَّرْ (لِأَنَّ التَّحَالُفَ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى وِفَاقِ الْقِيَاسِ) مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ فَكَانَ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ (وَالْإِجَارَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ نَظِيرُ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ) مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةِ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّبَرُّعِ (وَكَلَامُنَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ) لِأَنَّ وَضْعَ مَسْأَلَتِنَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَصَارَ الِاخْتِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَجَرَى التَّحَالُفُ هَاهُنَا كَمَا جَرَى ثَمَّةَ.

فَإِنْ قِيلَ: قِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شَرْطُ التَّحَالُفِ وَالْمَنْفَعَةُ مَعْدُومَةٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجْرِيَ فِيهَا التَّحَالُفُ. قُلْنَا: فِي مَعْدُومٍ يَجْرِي التَّحَالُفُ كَمَا فِي السَّلَمِ وَأَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي حَقِّ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كَأَنَّهَا قَائِمَةٌ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّبْيِينِ (فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ) أَيْ لِوُجُوبِ زِيَادَةِ الْأُجْرَةِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَخْذًا مِنْ شَرْحِ تَاجِ الشَّرِيعَةِ: فَإِنْ قِيلَ: كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِ الْآجِرِ لِتَعْجِيلِ فَائِدَةِ النُّكُولِ، فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ وَاجِبٌ أَوَّلًا عَلَى الْآجِرِ ثُمَّ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَهُ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةَ التَّعْجِيلِ فَهُوَ الْأَسْبَقُ إنْكَارًا فَيَبْدَأُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ لَا يُمْتَنَعُ الْآجِرُ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَبَقِيَ إنْكَارُ الْمُسْتَأْجِرِ لِزِيَادَةِ الْآجِرِ فَيَحْلِفُ انْتَهَى.

وَقَدْ اقْتَفَى أَثَرَ الشَّارِحِ الْعَيْنِيُّ. أَقُولُ: فِي الْجَوَابِ بَحْثٌ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَلَكِنْ يَمْتَنِعُ مِنْ تَسْلِيمِهَا بِمَا اعْتَرَفَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْهَا فَإِنَّ تَسْلِيمَهُ إيَّاهَا وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ إلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَعَيُّنِهَا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ الْمُؤَجِّرُ مُنْكِرًا لِوُجُوبِ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِمَا عَيَّنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا تَكُونَ الْإِجَارَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ نَظِيرَ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَهَذَا خَلَفٌ. وَالثَّانِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هَاهُنَا مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الثَّمَنِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَاكَ أَيْضًا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ مَعَ أَنَّهُ يَبْدَأُ فِيهِ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي كَمَا يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ فِي صُورَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ، وَيُعَلِّلُ بِتَعْجِيلِ فَائِدَةِ النُّكُولِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ فَبَقِيَ إنْكَارُ الْمُسْتَأْجِرِ لِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ فَيَحْلِفُ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا إنْكَارَ لِلْمُؤَجِّرِ أَصْلًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، إذْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَحْلِفَ أَصْلًا فَيَخْتَلَّ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ وَضْعَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>