وَلَمْ يَتَلَقَّ الْآخَرُ مِنْهُ.
قَالَ: (وَلَوْ ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ وَاحِدٍ) مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ
وَلَمْ يَتَلَقَّ الْآخَرُ مِنْهُ) أَيْ الْفَرْضُ أَنَّ الْآخَرَ لَمْ يَتَلَقَّ مِنْهُ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ أَوَّلًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ آخِرًا فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا وَلَا يَكُونُ لِلتَّارِيخِ عِبْرَةٌ، وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْضِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلتَّارِيخِ عِنْدَهُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي لِلَّذِي أَرَّخَ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَقْضِي لِلَّذِي لَمْ يُؤَرِّخْ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ بَيَانِهِ فِي الْكِتَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَلَوْ ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ وَاحِدٍ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ) أَيْ مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: لَيْسَ فِي تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ، فَإِنَّ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ لَا يَتَفَاوَتُ أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ وَاحِدًا لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ: دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ بِكَذَا، فَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا فَالدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ، وَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَالسَّابِقُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ شِرَاءَهُ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ فَيَثْبُتُ شِرَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْآخَرَ اشْتَرَاهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ. وَإِنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُؤَرِّخْ الْآخَرُ فَالْمُؤَرِّخُ أَوْلَى تَقْلِيلًا لِنَقْصِ مَا هُوَ ثَابِتٌ؛ لِأَنَّا إذَا جَعَلْنَا الْمُؤَرِّخَ أَوْلَى فَقَدْ نَقَضْنَا شِرَاءَ الْآخَرِ لَا غَيْرُ. وَأَمَّا إذَا قَضَيْنَا لِلَّذِي لَا تَارِيخَ لَهُ لَنَقَضْنَا عَلَى صَاحِبِ التَّارِيخِ شِرَاءَهُ وَتَارِيخَهُ بَعْدَمَا ثَبَتَ الْأَمْرَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute