للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ رَجُلٍ وَالْآخَرُ الْهِبَةَ وَالْقَبْضَ مِنْ غَيْرِهِ وَالثَّالِثُ الْمِيرَاثَ مِنْ أَبِيهِ وَالرَّابِعُ الصَّدَقَةَ وَالْقَبْضَ مِنْ آخَرَ قَضَى بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا) لِأَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ الْمِلْكَ مِنْ بَاعَتِهِمْ فَيَجْعَلُ كَأَنَّهُمْ حَضَرُوا وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ.

قَالَ: (وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَصَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى مِلْكٍ أَقْدَمَ تَارِيخًا كَانَ أَوْلَى) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ رَجَعَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ قَامَتَا عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِجِهَةِ الْمِلْكِ فَكَانَ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ سَوَاءً.

كَانَ هَذَا مَشْكُوكًا فَلَا مَجَالَ لِلتَّرْجِيحِ بِهِ أَصْلًا. وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ: فَضَعْفُ قُوَّةِ الْوَقْتِ عَنْ التَّرْجِيحِ لِتَضَاعُفِ التَّعَارُضِ غَيْرُ مَعْقُولٍ؛ لِأَنَّ التَّعَارُضَ مَتَى تَضَاعَفَ لَا يُزِيدُ شَيْئًا عَلَى التَّسَاوِي وَالتَّسَاقُطِ، فَمَا يَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ فِي مَرْتَبَةٍ مِنْ التَّعَارُضِ يَنْبَغِي أَنْ يَصْلُحَ لَهُ فِي سَائِرِ الْمَرَاتِبِ مِنْهُ، وَلَعَمْرِي إنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ قَدْ تَصَنَّعَ فِي حَلِّ هَذَا الْمَقَامِ زِيَادَةً عَلَى سَائِرِ الشُّرَّاحِ وَلَكِنْ مَا أَتَى بِشَيْءٍ يُعْتَدُّ بِهِ كَمَا عَرَفْت، وَإِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْوَجْهِ فِي تَعْلِيلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا لَمَنْدُوحَةً عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ فَتَفَكَّرْ

(وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ رَجُلٍ، وَالْآخَرُ الْهِبَةَ وَالْقَبْضَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثُ الْمِيرَاثَ مِنْ أَبِيهِ، وَالرَّابِعُ الصَّدَقَةَ وَالْقَبْضَ مِنْ آخَرَ) وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ (قَضَى بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا) وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْمَبْسُوطِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَفْرِيعًا، وَقَالَ فِي تَعْلِيلِهَا (لِأَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ الْمِلْكَ مِنْ بَاعَتِهِمْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ بَائِعِهِمْ، وَكِلَاهُمَا بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ لِأَنَّ الْبَائِعَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُمَلِّكِينَ الْأَرْبَعَةِ فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مِنْ مُمَلِّكِيهِمْ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: مِنْ مُلْقِيهِمْ اسْتِدْلَالًا بِلَفْظِ يَتَلَقَّوْنَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (فَيَجْعَلُ كَأَنَّهُمْ) أَيْ الْمُمَلِّكِينَ (حَضَرُوا وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ) عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِأَنْفُسِهِمْ، وَثَمَّةَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا فَكَذَا هَاهُنَا

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ، وَصَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ أَقْدَمَ تَارِيخًا كَانَ أَوْلَى) أَيْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا) أَيْ هَذَا الْحُكْمُ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ مُحَمَّدٍ (أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ رَجَعَ إلَيْهِ) يَعْنِي أَنَّ هَذَا قَوْلُهُ الْآخَرُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ إذَا كَانَتْ أَقْدَمَ تَارِيخًا مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ كَانَتْ أَوْلَى؛ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ الرَّقَّةِ. وَقَالَ: لَا أَقْبَلُ مِنْ ذِي الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى تَارِيخٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا لِلنِّتَاجِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ التَّارِيخَ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِأَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ النِّتَاجِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ (لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ قَامَتَا عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ وَلَمْ تَتَعَرَّضَا لِجِهَةِ الْمِلْكِ فَكَانَ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ سَوَاءً) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هَذَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ.

أَقُولُ: فِي الْبَيَانِ لَمَّا لَمْ تَتَعَرَّضْ الْبَيِّنَتَانِ لِجِهَةِ الْمِلْكِ وَجَازَ أَنْ تَكُونَ جِهَةُ الْمِلْكِ: أَيْ سَبَبِهِ فِي حَقِّ صَاحِبِ التَّارِيخِ الْمُؤَخَّرِ أَقْدَمَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَكُونُ صَاحِبُ التَّارِيخِ الْمُؤَخَّرِ أَسْبَقَ مِنْ الْآخَرِ فِي الْمِلْكِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَلَى سَبَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>