للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ مَعَ التَّارِيخِ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الدَّفْعِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ إذَا ثَبَتَ لِشَخْصٍ فِي وَقْتٍ فَثُبُوتُهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الدَّفْعِ مَقْبُولَةٌ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا وَالْمَعْنَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَوُقِّتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ الْخَارِجُ أَوْلَى.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: صَاحِبُ الْوَقْتِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْدَمُ وَصَارَ كَمَا فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ إذَا أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا كَانَ صَاحِبُ التَّارِيخِ أَوْلَى. وَلَهُمَا أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ إنَّمَا تُقْبَلُ

مِلْكِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِالتَّارِيخِ عَلَى الشِّرَاءِ وَإِحْدَاهُمَا أَسْبَقُ مِنْ الْأُخْرَى حَيْثُ كَانَ الْأَسْبَقُ أَوْلَى لِتَعَرُّضِهِ لِسَبْقِ سَبَبِ مِلْكِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ وَهُوَ الشِّرَاءُ فَلَمْ يَبْقَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَسْبَقَ فِي الْمِلْكِ (وَلَهُمَا) أَيْ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (أَنَّ الْبَيِّنَةَ مَعَ التَّارِيخِ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الدَّفْعِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ إذَا ثَبَتَ لِشَخْصٍ فِي وَقْتٍ فَثُبُوتُهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الدَّفْعِ مَقْبُولَةٌ) فَإِنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى ذِي الْيَدِ عَيْنًا وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ، وَقَدْ مَرَّ قَبْلَ هَذَا قَبُولُ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي أَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ حَتَّى يَنْدَفِعَ عَنْهُ دَعْوَى الْمُدَّعِي عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَمَّا قُبِلَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الدَّفْعِ صَارَتْ هَاهُنَا بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ بِذِكْرِ التَّارِيخِ الْأَقْدَمِ مُتَضَمِّنَةً دَفْعَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ التَّلَقِّي مِنْ قَبْلِهِ فَتُقْبَلُ لِكَوْنِهَا لِلدَّفْعِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ (وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا) أَيْ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا كَانَ صَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَوْلَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ: لَا يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ وَكَأَنَّهُمَا قَامَتَا عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْإِيضَاحِ (وَالْمَعْنَى مَا بَيَّنَّاهُ) وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الدَّلِيلِ فِي الطَّرَفَيْنِ (وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ (وَوَقَّتَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ (دُونَ الْأُخْرَى) فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ الْخَارِجُ أَوْلَى.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: (صَاحِبُ الْوَقْتِ أَوْلَى) إنَّمَا قَيَّدَ بِالتَّوْقِيتِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ وَذَا الْيَدِ إذَا أَقَامَا بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِلَا ذِكْرِ تَارِيخٍ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا كُلِّهِمْ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ عُلَمَائِنَا فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بَيْنَ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ عِنْدَ ذِكْرِ التَّارِيخِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (لِأَنَّهُ أَقْدَمُ) دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ: أَيْ لِأَنَّ صَاحِبَ الْوَقْتِ أَقْدَمُ (وَصَارَ كَمَا فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ) أَيْ صَارَ الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْجَوَابِ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ (إذَا أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ إذَا أَرَّخَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ هُنَاكَ (كَانَ صَاحِبُ التَّارِيخِ أَوْلَى) فَكَذَا هُنَا.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الشِّرَاءَ مَعْنًى حَادِثٌ، فَإِذَا لَمْ يُؤَرِّخْ حُكِمَ بِوُقُوعِهِ فِي الْحَالِ وَكَانَ الْمُقَدِّمُ أَوْلَى مِنْهُ، وَالْمِلْكُ لَيْسَ بِمَعْنًى حَادِثٍ فَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ فِي الْحَالِ. كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (وَلَهُمَا) أَيْ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ إنَّمَا تُقْبَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>