للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ تَلْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمِلْكَ مِنْ رَجُلٍ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ عِنْدَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إقَامَتِهَا عَلَى النِّتَاجِ فِي يَدِ نَفْسِهِ (وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ فَصَاحِبُ النِّتَاجِ أَوْلَى أَيُّهُمَا كَانَ) لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ قَامَتْ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بَيْنَ خَارِجَيْنِ فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا (وَلَوْ قَضَى بِالنِّتَاجِ لِصَاحِبِ الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ ثَالِثٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ يَقْضِي لَهُ إلَّا أَنْ يُعِيدَهَا ذُو الْيَدِ) لِأَنَّ الثَّالِثَ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ،

تَحْلِيفِ ذِي الْيَدِ وَعَدَمِهِ، فَعِنْدَ عِيسَى بْنِ أَبَانَ يَحْلِفُ ذُو الْيَدِ لِلْخَارِجِ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ لَمَّا تَهَاتَرَتَا صَارَ كَأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ لَمْ تَقُومَا بِالشَّهَادَةِ أَصْلًا فَيَقْضِي لِذِي الْيَدِ قَضَاءَ تَرْكٍ بَعْدَمَا حَلَفَ لِلْخَارِجِ، وَعِنْدَ الْعَامَّةِ لَا يَحْلِفُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ

(لَوْ تَلَقَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَوْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ (الْمِلْكَ مِنْ رَجُلٍ) عَلَى حِدَةٍ فَكَانَ هُنَاكَ مُمَلِّكَانِ (وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ عِنْدَهُ) أَيْ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ عِنْدَ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ (فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إقَامَتِهَا عَلَى النِّتَاجِ فِي يَدِ نَفْسِهِ) فَيَقْضِي بِهِ لِذِي الْيَدِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمٌ عَمَّنْ يَتَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ، فَكَأَنَّ الْمُمَلِّكَيْنِ قَدْ حَضَرَا وَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَقْضِي ثَمَّةَ لِصَاحِبِ الْيَدِ كَذَلِكَ هَاهُنَا (وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ فَصَاحِبُ النِّتَاجِ أَوْلَى أَيُّهُمَا كَانَ) أَيْ خَارِجًا كَانَ صَاحِبُ النِّتَاجِ أَوْ ذَا الْيَدِ (لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ) أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْيَدِ (قَامَتْ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ (لِلْآخَرِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ النِّتَاجِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْآخَرَ لَمْ يَتَلَقَّ مِنْهُ (وَكَذَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بَيْنَ خَارِجَيْنِ) بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمِلْكَ وَالْآخَرُ النِّتَاجَ (فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ أَنَّ بَيِّنَتَهُ تَدُلُّ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ (وَلَوْ قَضَى بِالنِّتَاجِ لِصَاحِبِ الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ ثَالِثٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ يَقْضِي لَهُ) أَيْ لِلثَّالِثِ (إلَّا أَنْ يُعِيدَهَا) أَيْ الْبَيِّنَةَ (ذُو الْيَدِ) فَحِينَئِذٍ يَقْضِي لَهُ (لِأَنَّ الثَّالِثَ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ) لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ بِهِ الْمِلْكُ، وَثُبُوتُ الْمِلْكِ بِالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ شَخْصٍ لَا يَقْضِي بِثُبُوتِهِ فِي حَقِّ آخَرَ. فَإِنْ أَعَادَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَتَهُ قَضَى لَهُ بِهَا تَقْدِيمًا لِبَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِي النِّتَاجِ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ قَضَى بِهَا لِلثَّالِثِ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: فَرَّقَ بَيْنَ الْمِلْكِ وَبَيْنَ الْعِتْقِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِتْقِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَالْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ النِّتَاجِ تُوجِبُ الْمِلْكَ بِصِفَةِ الْأَوَّلِيَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ كَالْعِتْقِ.

وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْعِتْقَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؛ أَلَا يَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ حَتَّى لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْحُرِّ بِرِضَاهُ، وَلَوْ كَانَ حَقُّ الْعَبْدِ لَقَدَرَ عَلَى إبْطَالِهِ، وَإِذَا كَانَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَالنَّاسُ فِي إثْبَاتِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى خُصُومٌ عَنْهُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ لِكَوْنِهِمْ عَبِيدَهُ، فَكَانَ حَضْرَةُ الْوَاحِدِ كَحَضْرَةِ الْكُلِّ وَالْقَضَاءُ عَلَى الْوَاحِدِ قَضَاءً عَلَى الْكُلِّ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْعُبُودِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَرَثَةِ لَمَّا قَامُوا مَقَامَ الْمَيِّتِ فِي إثْبَاتِ حُقُوقِهِ وَالدَّفْعِ عَنْهُ لِكَوْنِهِمْ خُلَفَاءَهُ قَامَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ مَقَامَ الْكُلِّ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ، بِخِلَافِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ خَالِصُ حَقِّ الْعَبْدِ فَالْحَاضِرُ فِيهِ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ إلَّا بِالْإِنَابَةِ حَقِيقَةً أَوْ ثُبُوتِ النِّيَابَةِ شَرْعًا أَوْ اتِّصَالٍ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الدَّعْوَى عَلَى مَا عُرْفٍ وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْقَضَاءُ عَلَى غَيْرِهِ يَكُونُ قَضَاءَ الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>