يَقْضِي لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ الْبَيْعَيْنِ جَائِزَانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُ صَاحِبِ الْيَدِ أَسْبَقَ يُقْضَى لِلْخَارِجِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا ذُو الْيَدِ وَقَبَضَ ثُمَّ بَاعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ أَوْ سَلَّمَ ثُمَّ وَصَلَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ.
قَالَ: (وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً فَهُمَا سَوَاءٌ) لِأَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ الشَّاهِدِينَ عِلَّةٌ تَامَّةٌ كَمَا فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ، وَالتَّرْجِيحُ لَا يَقَعُ بِكَثْرَةِ الْعِلَلِ بَلْ بِقُوَّةٍ فِيهَا عَلَى مَا عُرِفَ.
قَالَ (وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ رُبْعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) اعْتِبَارًا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، فَإِنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ لَا يُنَازِعُ الْآخَرَ فِي النِّصْفِ فَسَلَّمَ لَهُ بِلَا مُنَازَعٍ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا
الْبَيِّنَتَانِ قَبْضًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى حَالِهِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِنْ بَيَّنَتَا قَبْضًا (يَقْضِي لِصَاحِبِ الْيَدِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ فَيَجْعَلُ كَأَنَّ الْخَارِجَ بَاعَ ذَلِكَ مِنْ بَائِعِهِ بَعْدَمَا قَبَضَهُ (لِأَنَّ الْبَيْعَيْنِ) أَيْ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (جَائِزَانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا وَقَوْلِ مُحَمَّدٍ (وَإِنْ كَانَ وَقْتُ صَاحِبِ الْيَدِ أَسْبَقَ) وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى حَالِهِ (يَقْضِي لِلْخَارِجِ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ أَثْبَتَتْ الْبَيِّنَتَانِ الْقَبْضَ أَوْ لَمْ تُثْبِتَاهُ (فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ ذُو الْيَدِ وَقَبَضَ ثُمَّ بَاعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ ثُمَّ بَاعَ ذُو الْيَدِ مِنْ الْخَارِجِ وَلَكِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ هَذَا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ إثْبَاتِ الْقَبْضِ (أَوْ سَلَّمَ) أَيْ سَلَّمَ ذُو الْيَدِ إلَى الْخَارِجِ (ثُمَّ وَصَلَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى ذِي الْيَدِ (بِسَبَبٍ آخَرَ) مِنْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ إثْبَاتِ الْقَبْضِ، فَقَدْ جَمَعَ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَيْنِ فِي تَقْرِيرِهِ هَذَا كَمَا تَرَى. فَإِنْ قُلْت: بَقِيَ مِنْ أَقْسَامِ الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ صُورَتَانِ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ: إحْدَاهُمَا أَنْ تُؤَقِّتَ الْبَيِّنَتَانِ وَقْتًا وَاحِدًا، وَثَانِيَتُهُمَا أَنْ تُؤَقِّتَ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَقْتًا وَلَمْ تُؤَقِّتْ الْأُخْرَى فَمَا حُكْمُهُمَا؟ قُلْت: حُكْمُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَحُكْمِ مَا إذَا لَمْ تُؤَقِّتَا أَصْلًا نَصَّ عَلَيْهِ غَايَةُ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً فَهُمَا سَوَاءٌ) أَيْ الِاثْنَانِ وَالْأَرْبَعَةُ مِنْ الشُّهُودِ سَوَاءٌ (لِأَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ شَاهِدَيْنِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ) لِوُصُولِهَا إلَى حَدِّ النِّصَابِ الْكَامِلِ (كَمَا فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ) فِي غَيْرِ الشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا (وَالتَّرْجِيحُ لَا يَقَعُ بِكَثْرَةِ الْعِلَلِ بَلْ) يَقَعُ (بِقُوَّةٍ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِلَّةِ؛ أَلَا يَرَى أَنَّ الْخَبَرَ لَا يَتَرَجَّحُ بِخَبَرٍ أَوْ بِآخَرَ وَالْآيَةُ لَا تَتَرَجَّحُ بِآيَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ بِنَفْسِهِ وَالْمُفَسَّرُ يَتَرَجَّحُ عَلَى النَّصِّ وَالنَّصُّ عَلَى الظَّاهِرِ بِاعْتِبَارِ الْقُوَّةِ (عَلَى مَا عُرِفَ) أَيْ فِي عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَكَذَلِكَ الشَّهَادَتَانِ إذَا تَعَارَضَتَا وَإِحْدَاهُمَا مَسْتُورَةٌ وَالْأُخْرَى عَادِلَةٌ تَرَجَّحَتْ الْعَادِلَةُ عَلَى الْمَسْتُورَةِ بِالْعَدَالَةِ لِأَنَّهَا صِفَةُ الشَّهَادَةِ وَلَا تَتَرَجَّحُ بِزِيَادَةِ عَدَدِ الشُّهُودِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصِفَةٍ لِمَا هُوَ حُجَّةٌ مِنْ الشَّهَادَةِ بَلْ هِيَ مِثْلُهَا، وَشَهَادَةُ كُلِّ عَدَدٍ رُكْنٌ مِثْلُ شَهَادَةِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا صِفَةً لِلْبَعْضِ، إلَى هَذَا أَشَارَ فِي التَّقْوِيمِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ
(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا جَمِيعًا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ رُبْعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اعْتِبَارًا لِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، فَإِنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ لَا يُنَازِعُ الْآخَرَ فِي النِّصْفِ فَسَلِمَ لَهُ بِلَا مُنَازِعٍ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute