للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا (وَقَالَا: هِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا) فَاعْتَبَرَا طَرِيقَ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ، فَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَضْرِبُ بِكُلِّ حَقِّهِ سَهْمَيْنِ وَصَاحِبُ النِّصْفِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَتُقَسَّمُ أَثْلَاثًا،

فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا) فَتُجْعَلُ الدَّارُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ نِصْفُ وَلِنِصْفِهِ نِصْفٌ وَأَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي (وَقَالَا) أَيْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ (هِيَ) أَيْ الدَّارُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ (أَثْلَاثًا فَاعْتَبَرَا طَرِيقَ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ فَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَضْرِبُ بِكُلِّ حَقِّهِ سَهْمَيْنِ) أَيْ يَأْخُذُ بِحَسَبِ كُلِّ حَقِّهِ سَهْمَيْنِ.

وَفِي الْمُغْرِبِ وَقَالَ الْفُقَهَاءُ: فُلَانٌ يَضْرِبُ فِيهِ بِالثُّلُثِ: أَيْ يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا بِحُكْمِ مَالِهِ مِنْ الثُّلُثِ

كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (وَصَاحِبُ النِّصْفِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَصَاحِبُ النِّصْفِ يَضْرِبُ بِكُلِّ حَقِّهِ أَيْضًا وَهُوَ سَهْمٌ وَاحِدٌ إذْ الدَّارُ تُجْعَلُ سَهْمَيْنِ لِحَاجَتِنَا إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ صَحِيحٌ، وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ فَيَضْرِبُ صَاحِبُ الْمِلْكِ بِذَلِكَ وَصَاحِبُ النِّصْفِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ (فَتُقَسَّمُ) بَيْنَهُمَا (أَثْلَاثًا) أَيْ فَتُقَسَّمُ الدَّارُ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ وَثُلُثُهَا لِمُدَّعِي النِّصْفِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُدْلِيَ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ مَعْنًى آخَرَ إلَيْهِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، كَأَصْحَابِ الْعَوْلِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ، وَغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ إذَا ضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْ دُيُونِهِ، وَالْمُدْلِي بِسَبَبٍ غَيْرِ صَحِيحٍ يَضْرِبُ بِقَدْرِ مَا يُصِيبُهُ حَالَ الْمُزَاحَمَةِ كَمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ.

وَأَصْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ قِسْمَةَ الْعَيْنِ مَتَى وَجَبَتْ بِسَبَبِ حَقٍّ كَانَ فِي الْعَيْنِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ كَالتَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَمَتَى وَجَبَتْ لَا بِسَبَبِ حَقٍّ كَانَ فِي الْعَيْنِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ كَالْفُضُولِيِّ إذَا بَاعَ عَبْدَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَفُضُولِيٍّ آخَرَ بَاعَ نِصْفَهُ وَأَجَازَ الْمَوْلَى الْبَيْعَيْنِ فَالْقِسْمَةُ بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، أَوْ بَاعَا فَعَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ أَمْكَنَ الِاتِّفَاقُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْعَوْلِ وَعَلَى الْمُنَازَعَةِ وَأَمْكَنَ الِافْتِرَاقُ، فَمِمَّا اتَّفَقُوا عَلَى الْعَوْلِ فِيهِ الْعَوْلُ فِي التَّرِكَةِ، أَمَّا عَلَى أَصْلِهِ فَلِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَحْتَاجُ إلَى ضَمِّ شَيْءٍ، وَأَمَّا عَلَى أَصْلِهِمَا فَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ حَقٍّ فِي الْعَيْنِ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ، وَمِمَّا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَ الْفُضُولِيِّ، أَمَّا عَلَى أَصْلِهِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ صَحِيحٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى انْضِمَامِ الْإِجَازَةِ إلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى أَصْلِهِمَا فَلِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ كَانَ فِي الثَّمَنِ تَحَوَّلَ بِالشِّرَاءِ إلَى الْبَيْعِ.

وَمِمَّا افْتَرَقُوا فِيهِ مَسْأَلَتُنَا هَذِهِ، فَعَلَى أَصْلِهِ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا هُوَ الشَّهَادَةُ، وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَى اتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَمْ يَكُنْ سَبَبًا صَحِيحًا فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْكِتَابِ، وَعَلَى أَصْلِهِمَا حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فِي الْعَيْنِ، بِمَعْنَى أَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَائِعٌ فِيهَا، فَمَا مِنْ جُزْءٍ إلَّا وَصَاحِبُ الْقَلِيلِ يُزَاحِمُ فِيهِ صَاحِبَ الْكَثِيرِ بِنَصِيبِهِ، فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَصْلَهُمَا يَنْتَقِضُ بِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فِي التَّرِكَةِ، فَإِنَّ قِسْمَةَ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ حَقٍّ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْعَيْنِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَوْلِيَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>