وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ وَأَضْدَادٌ لَا يَحْتَمِلُهَا هَذَا الْمُخْتَصَرُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي الزِّيَادَاتِ. قَالَ (وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا سَلِمَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ نِصْفُهَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَنِصْفُهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ) لِأَنَّهُ خَارِجٌ فِي النِّصْفِ فَيَقْضِي بِبَيِّنَتِهِ، وَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ صَاحِبُهُ لَا يَدَّعِيهِ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ النِّصْفُ وَهُوَ فِي يَدِهِ سَالِمٌ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَيْهِ دَعْوَاهُ كَانَ ظَالِمًا بِإِمْسَاكِهِ وَلَا قَضَاءَ بِدُونِ الدَّعْوَى فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ.
كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ وَأَضْدَادٌ) أَيْ لِلْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ أَشْبَاهٌ حَكَمَ فِيهَا أَبُو حَنِيفَةَ بِالْمُنَازَعَةِ وَصَاحِبَاهُ بِالْعَوْلِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَضْدَادٌ حَكَمَ فِيهَا أَبُو حَنِيفَةَ بِالْعَوْلِ وَصَاحِبَاهُ بِالْمُنَازَعَةِ عَلَى عَكْسِ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (لَا يَحْتَمِلُهَا) أَيْ النَّظَائِرَ وَالْأَضْدَادَ (هَذَا الْمُخْتَصَرُ) يَعْنِي الْهِدَايَةَ (وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي الزِّيَادَاتِ) فَمِنْ نَظَائِرِهَا: الْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَبِنِصْفِهِ عِنْدَ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِعَيْنٍ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ سِوَاهُ.
وَمِنْ أَضْدَادِهَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ الْمُشْتَرَكُ إذَا ادَّانَهُ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَجْنَبِيٌّ مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ بِيعَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَالْقِسْمَةُ بَيْنَ الْمَوْلَى الْمَدِينِ وَالْأَجْنَبِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ أَثْلَاثًا، وَعِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ أَرْبَاعًا، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ إذَا قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ وَغَرِمَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لَهُمَا، كَذَا فِي الْكَافِي وَالشُّرُوحِ، فَتَذَكَّرْ الْأَصْلَيْنِ الْمَذْكُورِينَ يَسْهُلْ عَلَيْك اسْتِخْرَاجُ هَذِهِ الصُّوَرِ (قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِي الْمُدَّعِيَيْنِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا.
(سَلِمَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ) أَيْ لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ (نِصْفُهَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ) وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِيَدِ الْآخَرِ (وَنِصْفُهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ) وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِيَدِ نَفْسِهِ (لِأَنَّهُ خَارِجٌ فِي النِّصْفِ) أَيْ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجَمِيعِ وَهُوَ مُدَّعِي الْجَمِيعِ خَارِجٌ فِي النِّصْفِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِ مُدَّعِي النِّصْفِ (فَيَقْضِي بِبَيِّنَتِهِ) أَيْ فَيَقْضِي بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْجَمِيعِ فِي حَقِّ ذَلِكَ النِّصْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فَتَمَّ دَلِيلُ قَوْلِهِ: نِصْفُهُمَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَبَقِيَ دَلِيلُ قَوْلِهِ: وَنِصْفُهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَهُوَ قَوْلُهُ (فَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ) أَيْ فِي يَدَيْ صَاحِبِ الْجَمِيعِ (صَاحِبُهُ لَا يَدَّعِيهِ) أَيْ صَاحِبُ الْجَمِيعِ: أَيْ خَصْمُهُ وَهُوَ مُدَّعِي النِّصْفِ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ النِّصْفَ (لِأَنَّهُ مُدَّعَاهُ) أَيْ مُدَّعَى صَاحِبِهِ وَهُوَ مُدَّعِي النِّصْفِ (النِّصْفُ وَهُوَ فِي يَدِهِ سَالِمٌ لَهُ) تَوْضِيحُهُ أَنَّ دَعْوَى مُدَّعِي النِّصْفِ مُنْصَرِفَةٌ إلَى مَا فِي يَدِهِ لِتَكُونَ يَدُهُ يَدًا مُحِقَّةً فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ حَمْلَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصِّحَّةِ وَاجِبٌ، فَمُدَّعِي النِّصْفِ لَا يَدَّعِي شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِ الْجَمِيعِ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ النِّصْفُ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَسَلِمَ النِّصْفَ لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ بِلَا مُنَازَعَةٍ، وَكَذَا فِي الْكَافِي (وَلَوْ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَيْهِ دَعْوَاهُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَنْصَرِفْ دَعْوَى مُدَّعِي النِّصْفِ إلَى النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ (كَانَ ظَالِمًا بِإِمْسَاكِهِ) أَيْ كَانَ مُدَّعِي النِّصْفِ ظَالِمًا بِإِمْسَاكِ مَا فِي يَدِهِ، وَقَضِيَّةُ وُجُوبِ حَمْلِ أَمْرِ الْمُسْلِمِ عَلَى الصِّحَّةِ قَاضِيَةٌ بِخِلَافِهِ (وَلَا قَضَاءَ بِدُونِ الدَّعْوَى فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ) أَيْ وَإِذَا لَمْ يَدَّعِ مُدَّعِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute