للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ، وَذَكَرَا تَارِيخًا وَسِنُّ الدَّابَّةِ يُوَافِقُ أَحَدَ التَّارِيخَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى) لِأَنَّ الْحَالَ يَشْهَدُ لَهُ فَيَتَرَجَّحُ (وَإِنْ أَشْكَلَ ذَلِكَ كَانَتْ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ سَقَطَ التَّوْقِيتُ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا.

النِّصْفِ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدَيْ مُدَّعِي الْجَمِيعِ، وَلَا قَضَاءَ بِدُونِ الدَّعْوَى فَيُتْرَكُ ذَلِكَ النِّصْفُ فِي يَدَيْ مُدَّعِي الْجَمِيعِ بِلَا قَضَاءٍ فَتَمَّ دَلِيلُ قَوْلِهِ: وَنِصْفُهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ أَيْضًا فَيَثْبُتُ الْمُدَّعِي بِشِقَّيْهِ.

قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ دَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ تَنْصَرِفُ إلَى مَا فِي يَدِهِ كَيْ لَا يَكُونَ فِي إمْسَاكِهِ ظَالِمًا حَمْلًا لِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصِّحَّةِ، وَأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ أَنَّ انْصِرَافَ دَعْوَى مُدَّعِي الْجَمِيعِ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ إلَى مَا فِي يَدِهِ غَيْرُ مَعْقُولٍ لِأَنَّهُ إنْ جَعَلَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْكُلَّ لَا يَبْقَى لِلْمُقَدِّمَةِ الْقَائِلَةِ: وَأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ مَحِلٌّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ فِي النِّصْفِ وَلَا قَوْلُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ وَمُدَّعِي الْكُلِّ مُدَّعًى عَلَيْهِ النِّصْفُ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ النِّصْفِ، وَإِنْ جَعَلَ الَّذِي فِي يَدِهِ النِّصْفُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ الْحَقَّ فَلَا مَعْنَى لِانْصِرَافِ دَعْوَاهُ إلَى مَا فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْكُلَّ وَهُوَ لَيْسَ فِي يَدِهِ. وَأَيْضًا لَا يَتِمُّ قَوْلُهُ كَيْ لَا يَكُونَ فِي إمْسَاكِهِ ظَالِمًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكُونُ ظَالِمًا بِإِمْسَاكِ حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَمُدَّعِي الْكُلِّ يَدَّعِي أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا حَقُّهُ، فَالْحَقُّ أَنَّ الَّذِي يَنْصَرِفُ دَعْوَاهُ إلَى مَا فِي يَدِهِ إنَّمَا هُوَ مُدَّعِي النِّصْفِ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، وَقَدْ مَرَّ بِنَا فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: (وَإِذَا تَنَازَعَا) أَيْ تَنَازَعَ اثْنَانِ (فِي دَابَّةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا نَتَجَتْ وَذَكَرَا تَارِيخًا وَسِنُّ الدَّابَّةِ يُوَافِقُ أَحَدَ التَّارِيخَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى) أَيْ الَّذِي يُوَافِقُ سِنُّ الدَّابَّةِ تَارِيخَهُ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (لِأَنَّ الْحَالَ يَشْهَدُ لَهُ) يَعْنِي أَنَّ عَلَامَةَ صِدْقِ شُهُودِهِ قَدْ ظَهَرَتْ بِشَهَادَةِ الْحَالِ لَهُ (فَيَتَرَجَّحُ) أَيْ فَيَتَرَجَّحُ مَنْ يُوَافِقُ سِنُّ الدَّابَّةِ تَارِيخَهُ.

وَاعْلَمْ أَنْ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي النِّتَاجِ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ حَيْثُ يَحْكُمُ بِهَا لِذِي الْيَدِ إنْ كَانَتْ فِي يَدِ إحْدَاهُمَا أَوْ لَهُمَا إنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ يَدِ ثَالِثٍ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ (وَإِنْ أَشْكَلَ ذَلِكَ) أَيْ سِنُّ الدَّابَّةِ (كَانَتْ بَيْنَهُمَا) أَيْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (لِأَنَّهُ سَقَطَ التَّوْقِيتُ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا) هَذَا الْجَوَابُ فِي الْخَارِجَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ الْيَدِ وَدَعْوَاهُمَا فِي النِّتَاجِ وَوَقَّتَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَقْتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ عَلَى وَقْتِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ قَضَيْت بِهَا لَهُ لِظُهُورِ عَلَامَةِ الصِّدْقِ فِي بَيِّنَتِهِ وَعَلَامَةِ الْكَذِبِ فِي بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ عَلَى وَقْتِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً قَضَيْت بِهَا لِذِي الْيَدِ إمَّا لِظُهُورِ عَلَامَةِ الصِّدْقِ فِي بَيِّنَتِهِ أَوْ سُقُوطِ اعْتِبَارِ التَّوْقِيتِ إذَا كَانَتْ مُشْكِلَةً، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا إذَا كَانَ سِنُّ الدَّابَّةِ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ.

وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ. فِي ذَلِكَ تَتَهَاتَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>