للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْحَائِطَيْنِ بِالِاتِّصَالِ يَصِيرَانِ كَبِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ ضَرُورَةِ الْقَضَاءِ لَهُ بِبَعْضِهِ الْقَضَاءُ بِكُلِّهِ ثُمَّ يَبْقَى لِلْآخَرِ حَقُّ وَضْعِ جُذُوعِهِ لِمَا قُلْنَا، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الطَّحَاوِيِّ وَصَحَّحَهَا الْجُرْجَانِيُّ.

قَالَ: (وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ مِنْهَا فِي يَدِ رَجُلٍ عَشْرَةُ أَبْيَاتٍ وَفِي يَدِ آخَرَ بَيْتٌ فَالسَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي اسْتِعْمَالِهَا

لَا يَكُونُ بِدُونِ الْيَدِ، وَالْيَدَانِ إذَا تَعَارَضَا سَلِمَ التَّصَرُّفُ عَنْ الْمُعَارِضِ فَصَلُحَ مُرَجِّحًا، كَذَا فِي شَرْحِ تَاجِ الشَّرِيعَةِ، وَيُرَجِّحُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ (وَجْهُ الْأَوَّلِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَجْهُ الثَّانِي (أَنَّ الْحَائِطَيْنِ بِالِاتِّصَالِ يَصِيرَانِ كَبِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَمِنْ ضَرُورَةِ الْقَضَاءِ لَهُ بِبَيْعِهِ الْقَضَاءُ بِكُلِّهِ) أَقُولُ: يُرَدُّ عَلَيْهِ مَنْعُ قَوْلِهِ وَمِنْ ضَرُورَةِ الْقَضَاءِ لَهُ بِبَعْضِهِ الْقَضَاءُ لَهُ بِكُلِّهِ لِجَوَازِ أَنْ يَقْضِيَ بِبَعْضِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِرَجُلٍ وَبِبَعْضِهِ الْآخَرِ لِرَجُلٍ آخَرَ، وَإِمَّا بِالتَّجْزِئَةِ إنْ قِبَلَ الْقِسْمَةَ أَوْ بِالشُّيُوعِ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا، كَيْفَ وَلَوْ أَثْبَتَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ بِالْبَيِّنَةِ كَوْنَ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ مِلْكَهُ قُضِيَ لَهُ بِلَا شُبْهَةٍ مَعَ بَقَاءِ الْحَائِطِ الْآخَرِ فِي مِلْكِ صَاحِبِ الِاتِّصَالِ، فَلَوْ تَمَّتْ تِلْكَ الضَّرُورَةُ لَمَا جَازَ هَذَا الْقَضَاءُ وَكَانَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ تَنَبَّهَ لِهَذَا وَقَصَدَ دَفْعَهُ فَعَلَّلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ ضَرُورَةِ الْقَضَاءِ لَهُ بِبَعْضِهِ الْقَضَاءُ بِكُلِّهِ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالِاشْتِرَاكِ.

وَلَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالِاشْتِرَاكِ وَعَدَمِ الْقَائِلِ بِهِ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجُذُوعِ قَائِلٌ بِهِ، فَإِنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ الْحَائِطَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ لَهُ، وَيَعْتَرِفُ بِأَنَّ الْحَائِطَ الْآخَرَ الْمُتَّصِلَ بِهِ لِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ، فَيَصِيرُ الْبِنَاءُ الْمُرَكَّبُ مِنْ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ عَدَمَ الْقَائِلِ بِهِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَهُوَ أَيْضًا مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ مَنْ يَقُولُ بِكَوْنِ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ عَلَى مَا هُوَ مُوجِبُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يَقُولُ بِكَوْنِ الْبِنَاءِ الْمُرَكَّبِ مِنْ هَذَا الْحَائِطِ الْمُتَّصِلِ بِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَاحِبِ الْجُذُوعِ وَصَاحِبِ الِاتِّصَالِ قَطْعًا (ثُمَّ يَبْقَى لِلْآخَرِ حَقُّ وَضْعِ جُذُوعِهِ) أَيْ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ الْحَائِطَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ لِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ (لِمَا قُلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي اسْتِحْقَاقِ يَدِهِ، حَتَّى قَالُوا: لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أُمِرَ بِرَفْعِ الْجُذُوعِ لِكَوْنِ الْبَيِّنَةِ حُجَّةً مُطْلَقَةً صَالِحَةً لِلدَّفْعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ (وَهَذِهِ) أَيْ رِوَايَةُ أَنَّ صَاحِبَ الِاتِّصَالِ أَوْلَى (رِوَايَةُ الطَّحَاوِيِّ) وَصَحَّحَهَا الْجُرْجَانِيُّ وَهُوَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُرْشِدُ، وَرَجَّحَهَا بِالسَّبْقِ لِأَنَّ التَّرْبِيعَ يَكُونُ حَالَةَ الْبِنَاءِ وَهُوَ سَابِقٌ عَلَى وَضْعِ الْجُذُوعِ فَكَانَ يَدُهُ ثَابِتًا قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ الْجُذُوعَ فَصَارَ نَظِيرَ سَبْقِ التَّارِيخِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّبْيِينِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الِاتِّصَالَ الَّذِي وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي تَرْجِيحِ صَاحِبِهِ عَلَى صَاحِبِ الْجُذُوعِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ هُوَ الِاتِّصَالُ الَّذِي وَقَعَ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ اتِّصَالُ التَّرْبِيعِ فِي طَرَفَيْهِ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى، وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِنْ كَانَ الِاتِّصَالُ فِي طَرْفٍ وَاحِدٍ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ صَاحِبَ الِاتِّصَالِ أَوْلَى، وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ وَالشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُرْشِدُ.

وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الْجُذُوعِ أَوْلَى وَقَالَ فِيهَا قَبْلَ هَذَا: فَإِنْ كَانَ الِاتِّصَالُ فِي طَرَفَيْ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى بِهِ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا

(قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: (وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ مِنْهَا فِي يَدِ رَجُلٍ عَشْرَةُ أَبْيَاتٍ وَفِي يَدِ آخَرَ بَيْتٌ فَالسَّاحَةُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ عَرْصَةٌ فِي الدَّارِ وَبَيْنَ يَدَيْهَا، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي اسْتِعْمَالِهِمَا) أَيْ اسْتِعْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>