للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَحَقِّ اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَحَقِّ الِاسْتِيلَادِ فَاسْتَوَيَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ،

الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ مَانِعًا لِدَعْوَةِ الْبَائِعِ إيَّاهُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَخْذًا مِنْهُمْ: قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَانَ الْإِعْتَاقُ مَانِعًا بَيَانًا لِمَانِعِيَّةِ عِتْقِ الْوَلَدِ عَنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِدَعْوَةِ الْبَائِعِ انْتَهَى. أَقُولُ: بَلْ هَذَا بَيَانٌ لِمَانِعِيَّةِ عِتْقِ الْأُمِّ عَنْ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فِي حَقِّهَا بِدَعْوَةِ الْبَائِعِ، وَلِمَانِعِيَّةِ عِتْقِ الْوَلَدِ عَنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِي حَقِّهِ بِدَعْوَةِ الْبَائِعِ أَيْضًا.

وَالْمَعْنَى: إنَّمَا كَانَ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ وَالْوَلَدَ مَانِعًا مِنْ دَعْوَةِ الِاسْتِيلَادِ، وَأَمَّا دَعْوَةُ النَّسَبِ فَيَشْمَلُ الْفَصْلَيْنِ مَعَهُ، كَمَا يُنَادِي عَلَيْهِ عِبَارَاتُ الْمُصَنِّفِ فِي أَثْنَاءِ الْبَيَانِ عَلَى مَا تَرَى، وَفِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشُّرَّاحُ تَخْصِيصُ الْبَيَانِ بِالْفَصْلِ الثَّانِي وَهُوَ تَقْصِيرٌ فِي حَقِّ الْمَقَامِ وَشَرْحِ الْكَلَامِ (لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ (لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَحَقِّ اسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ وَحَقِّ الِاسْتِيلَادِ) يَعْنِي أَنَّ الْإِعْتَاقَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَحَقِّ اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ مِنْ الْبَائِعِ فِي الْوَلَدِ وَحَقِّ الِاسْتِيلَادِ مِنْ الْبَائِعِ فِي الْأُمِّ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ (فَاسْتَوَيَا) أَيْ اسْتَوَى إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي وَحَقُّ الْبَائِعِ اسْتِلْحَاقًا وَاسْتِيلَادًا (مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ النَّقْضَ فَلَيْسَ لِفِعْلِ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ عَلَى فِعْلِ الْآخَرِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَرُدَّ بِمَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً حُبْلَى فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ الْآخَرَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِيهِمَا جَمِيعًا حَتَّى يَبْطُلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ نَقْضٌ لِلْعِتْقِ كَمَا تَرَى.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّوْأَمَيْنِ فِي حُكْمِ وَلَدٍ وَاحِدٍ، فَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْحُكْمِ بِصَيْرُورَتِهِ حُرَّ الْأَصْلِ ثُبُوتُ النَّسَبِ لِلْآخَرِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي أَحَدِهِمَا فَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْعِتْقِ فِي أَحَدِهِمَا ثُبُوتُهُ فِي الْآخَرِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْجِيحُ الدَّعْوَةِ عَلَى الْعِتْقِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي الْآخَرِ لَزِمَهُ ضَمَانُ قِيمَتِهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ زَائِدٌ انْتَهَى. أَقُولُ: السُّؤَالُ الْأَوَّلُ وَجَوَابُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَيْضًا وَلَهُمَا وَجْهٌ وَجِيهٌ. وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي وَجَوَابُهُ فَمِنْ مُخْتَرَعَاتِهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.

أَمَّا السُّؤَالُ فَلِأَنَّ مُرَادَ الْمُجِيبِ عَنْ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّوْأَمَيْنِ فِي حُكْمِ وَلَدٍ وَاحِدٍ فِي بَابِ النَّسَبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَدَارَ النَّسَبِ عَلَى الْعُلُوقِ وَعُلُوقُهُمَا وَاحِدٌ لِكَوْنِهِمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ، فَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُمَا فِي حُكْمِ وَلَدٍ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ حَتَّى يُتَوَجَّهُ السُّؤَالُ، كَيْفَ وَمَدَارُ الْعِتْقِ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ رَقَبَتَيْهِمَا مُتَغَايِرَتَانِ فَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الْأُخْرَى كَمَا لَا يَخْفَى. وَأَمَّا الْجَوَابُ فَلِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ فِي الْآخَرِ لَزِمَ الْآخَرَ ضَمَانُ قِيمَتِهِ، كَمَا إذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى بَعْضَ عَبْدِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ يَلْزَمُ الْعَبْدَ عِنْدَهُ ضَمَانُ قِيمَةِ بَعْضِهِ الْآخَرِ: أَيْ السِّعَايَةِ فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَاهُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا زَائِدًا، إذْ الضَّمَانُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِتْقِ لَا يُعَدُّ ضَرَرًا أَصْلًا، وَلَوْ سَلِمَ ذَلِكَ فَيُعَارَضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>