للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الثَّابِتُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَقِيقَةُ الْإِعْتَاقِ وَالثَّابِتُ فِي الْأُمِّ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ، وَفِي الْوَلَدِ لِلْبَائِعِ حَقُّ الدَّعْوَةِ وَالْحَقُّ لَا يُعَارِضُ الْحَقِيقَةَ،

بِالنَّسَبِ أَيْضًا قَطْعًا، فَإِنَّهُ إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ فِي الْآخَرِ لَزِمَ الْبَائِعَ ضَمَانُ قِيمَتِهِ: أَيْ رَدُّ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُ أَنْ يَتَحَقَّقَ هُنَاكَ أَيْضًا ضَرَرٌ زَائِدٌ.

وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْعِتْقُ فِي الْآخَرِ لَزِمَ الْمُشْتَرِي ضَمَانُ قِيمَتِهِ: أَيْ إتْلَافُ قِيمَتِهِ فَيُعَارَضُ بِالنَّسَبِ أَيْضًا قَطْعًا، فَإِنَّهُ إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ فِي الْآخَرِ لَزِمَ الْبَائِعَ ضَمَانُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْعِتْقِ فِي الْآخَرِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَتَحَقَّقَ هُنَاكَ أَيْضًا ضَرَرٌ زَائِدٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ التَّرْجِيحُ فِي صُورَةِ التَّوْأَمَيْنِ أَيْضًا وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ. ثُمَّ أَقُولُ: بُدِّلَ السُّؤَالُ الثَّانِي وَجَوَابُهُ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي التَّوْأَمَيْنِ كَذَا كَانَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي مِمَّا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَنَا مِنْ قَوْلِنَا: الْعِتْقُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُهُ قَصْدًا وَاللَّازِمُ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْأَمَيْنِ احْتِمَالُهُ النَّقْضَ ضِمْنًا، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ قَصْدًا وَيَثْبُتُ ضِمْنًا، وَسَيَجِيءُ فِي الْكِتَابِ هَذَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ قَالَ بَعْدَمَا سَبَقَ مِنْ سُؤَالِهِ الثَّانِي وَجَوَابِهِ: فَإِنْ عُورِضَ بِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى النَّسَبَ فِي الَّذِي عِنْدَهُ كَانَ ذَلِكَ سَعْيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ انْتَهَى.

أَقُولُ: فَيُعَارَضُ بِأَنَّ الضَّرَرَ الزَّائِدَ الَّذِي يَلْزَمُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْعِتْقِ فِي الْآخَرِ غَيْرُ مَقْصُودٍ أَيْضًا فَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ أَيْضًا فَلَا يَخْلُو الْجَوَابُ عَنْ مُعَارَضَةٍ مَا (ثُمَّ الثَّابِتُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَقِيقَةً الْإِعْتَاقُ) يُرِيدُ بَيَانَ رُجْحَانِ مَا فِي جَانِبِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ الْمُشْتَرِي حَقِيقَةً الْإِعْتَاقُ (وَالثَّابِتُ فِي الْأُمِّ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ، وَفِي الْوَلَدِ لِلْبَائِعِ حَقُّ الدَّعْوَةِ وَالْحَقُّ لَا يُعَارِضُ الْحَقِيقَةَ) لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ أَقْوَى مِنْ الْحَقِّ. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَنُوقِضَ بِالْمَالِكِ الْقَدِيمِ مَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، فَإِنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ وَلِلْمُشْتَرِي حَقِيقَتُهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَرْجِيحٍ بَلْ هُوَ جَمْعٌ بَيْنَهُمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ أَوْلَى فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الرَّاجِحِ وَالْمَرْجُوحِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ فِيهَا شُبْهَةٌ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى تَمَلُّكِ أَهْلِ الْحَرْبِ مَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِنَا بِدَرَاهِمَ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِيهِ فَانْحَطَّتْ عَنْ دَرَجَةِ الْحَقَائِقِ، فَقُلْنَا: يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا انْتَهَى.

أَقُولُ: النَّقْضُ مَعَ جَوَابِهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَتَاجُ الشَّرِيعَةِ وَلَهُمَا وَجْهٌ صَحِيحٌ. وَأَمَّا النَّظَرُ مَعَ جَوَابِهِ فَمِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَلَيْسَا بِصَحِيحَيْنِ، أَمَّا النَّظَرُ فَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الرَّاجِحِ وَالْمَرْجُوحِ، أَلَا يَرَى أَنَّا نَجْمَعُ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ فِي الْعَمَلِ مَعَ تَقَرُّرِ بَقَاءِ رُجْحَانِ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ بِحَالِهِ. وَإِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُ الرُّجْحَانِ عِنْدَ تَعَارُضِ الرَّاجِحِ وَالْمَرْجُوحِ بِأَنْ لَا يُمْكِنَ الْعَمَلُ بِهِمَا وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى.

وَأَمَّا الْجَوَابُ فَلِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ بِخِلَافِنَا فِي مَسْأَلَةِ تَمَلُّكِ أَهْلِ الْحَرْبِ مَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِنَا بِدَرَاهِمَ هُوَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الزَّمَانِ عَنْ اجْتِهَادِ أَئِمَّتِنَا فَكَيْفَ يُوقِعُ اجْتِهَادُهُ شُبْهَةً فِيمَا اجْتَهَدُوا فِيهِ حَتَّى تَنْحَطَّ بِهَا هَذِهِ الْحَقِيقَةُ مِنْ دَرَجَةِ الْحَقَائِقِ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>