للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ. وَمَسْأَلَةُ الْوَلَاءِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَلَوْ سَلِمَ فَالْوَلَاءُ قَدْ يَبْطُلُ بِاعْتِرَاضِ الْأَقْوَى كَجَرِّ الْوَلَاءِ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ إلَى قَوْمِ الْأَبِ.

وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَى الْوَلَاءِ الْمَوْقُوفِ مَا هُوَ أَقْوَى وَهُوَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي فَيَبْطُلُ بِهِ، بِخِلَافِ النَّسَبِ عَلَى مَا مَرَّ.

وَلَمَّا جَازَ أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ مِنْهُ بَعْدَ التَّكْذِيبِ بَقِيَ لَهُ حَقُّ الدَّعْوَةِ وَمَعَ بَقَاءِ حَقِّهِ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ كَمَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ، (وَكَذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَلَدِ) مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجِهِ إلَى النَّسَبِ (فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ وَحَقِّ الْوَلَدِ.

هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُشْرَحَ هَذَا الْمَقَامُ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا مَا لَا يُسَاعِدُهُ تَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُطَابِقُهُ تَحْرِيرُهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ (وَمَسْأَلَةُ الْوَلَاءِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ) إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ اسْتِشْهَادِهِمَا بِمَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ بِأَنَّهَا أَيْضًا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَلَا تَنْتَهِضُ شَاهِدَةً لِمَا قَالَاهُ وَحُجَّةً عَلَى مَا قَالَهُ (وَلَوْ سَلِمَ) أَيْ وَلَوْ سَلِمَ كَوْنُ مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ عَلَى الِاتِّفَاقِ (فَالْوَلَاءُ قَدْ يَبْطُلُ بِاعْتِرَاضِ الْأَقْوَى كَجَرِّ الْوَلَاءِ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ إلَى قَوْمِ الْأَبِ).

صُورَتُهُ: مُعْتَقَةٌ تَزَوَّجَتْ بِعَبْدٍ وَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا فَجَنَى الْأَوْلَادُ كَانَ عَقْلُ جِنَايَتِهِمْ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ لِأَنَّ الْأَبَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ فَكَانَ الْوَلَدُ مُلْحَقًا بِقَوْمِ الْأُمِّ، فَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ جَرَّ وَلَاءَ الْأَوْلَادِ إلَى نَفْسِهِ، كَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَى الْوَلَاءِ الْمَوْقُوفِ) وَهُوَ الْوَلَاءُ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مَوْقُوفًا لِأَنَّهُ عَلَى عَرْضِيَّةِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ التَّكْذِيبِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا (مَا هُوَ أَقْوَى وَهُوَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ قَائِمٌ فِي الْحَالِ فَكَانَ دَعْوَى الْوَلَاءِ مُصَادِفًا لِمَحَلِّهِ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ قِيَامُ الْمِلْكِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَأَكْثَرِ الشُّرَّاحِ. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ كَيْفَ يَقُومُ الْمِلْكُ وَهُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ مُعْتِقٌ. قَالَ فِي الْكَافِي: إنَّ الْمُشْتَرَى إذَا أَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَ مَا بَاعَهُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يُعْتَقُ عَنْ الْمُقِرِّ انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى دَلَالَتُهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ إلَى هُنَا كَلَامُ ذَلِكَ الْبَعْضِ. أَقُولُ: بَحْثُهُ ظَاهِرُ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِأَنَّ مَا اشْتَرَاهُ مُعْتَقُ الْبَائِعِ لَا بِأَنَّهُ مُعْتَقُ نَفْسِهِ وَقَدْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قِيَامَ الْمِلْكِ لَهُ فِي الْحَالِ: أَيْ فِي حَالِ الْإِعْتَاقِ لِنَفْسِهِ ثَانِيًا، وَإِنَّمَا لَا يَقُومُ الْمِلْكُ لَهُ فِي الْحَالِ لَوْ كَانَ أَقَرَّ ابْتِدَاءً بِأَنَّهُ مُعْتَقُ نَفْسِهِ، أَوْ كَانَ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مُعْتَقُ الْبَائِعِ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَلَيْسَ فَلَيْسَ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي فَعَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى كَوْنِ مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا حَيْثُ قَالَ: وَمَسْأَلَةُ الْوَلَاءِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَبْنِيَّ الْكَلَامِ هَاهُنَا عَلَى تَسْلِيمِ كَوْنِ بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ وَتَحَوُّلِ الْوَلَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَمَا يُفْصِحُ عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَلِمَ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ لَا شَكَّ فِي قِيَامِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي إلَى حَالِ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ لِنَفْسِهِ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِبَاهِ الْمَقَامِ وَخَلْطِ الْكَلَامِ (فَبَطَلَ بِهِ) أَيْ بَطَلَ الْوَلَاءُ الْمَوْقُوفُ بِاعْتِرَاضِ مَا هُوَ الْأَقْوَى الَّذِي هُوَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي (بِخِلَافِ النَّسَبِ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِاعْتِرَاضِ شَيْءٍ أَصْلًا (عَلَى مَا مَرَّ) وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ: إنَّ النَّسَبَ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَعَلَيْهِ أَخَذَ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ. قَالَ فِي الْكَافِي: بِخِلَافِ النَّسَبِ كَمَا مَرَّ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُلَاعِنِ لِاحْتِمَالِ ثُبُوتِهِ مِنْ الْمُلَاعِنِ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>