وَهَذَا يَصْلُحُ مَخْرَجًا عَلَى أَصْلِهِ فِيمَنْ يَبِيعُ الْوَلَدَ وَيَخَافُ عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقْطَعُ دَعْوَاهُ إقْرَارُهُ بِالنَّسَبِ لِغَيْرِهِ.
قَالَ: (وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: هُوَ ابْنِي وَقَالَ الْمُسْلِمُ هُوَ عَبْدِي فَهُوَ ابْنُ النَّصْرَانِيِّ وَهُوَ حُرٌّ) لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجِّحٌ فَيَسْتَدْعِي تَعَارُضًا، وَلَا تَعَارُضَ لِأَنَّ نَظَرَ الصَّبِيِّ فِي هَذَا أَوْفَرُ لِأَنَّهُ يَنَالُ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ حَالًا وَشَرَفَ الْإِسْلَامِ مَآلًا، إذْ دَلَائِلُ الْوَحْدَانِيَّةِ ظَاهِرَةٌ، وَفِي عَكْسِهِ الْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ تَبَعًا وَحِرْمَانُهُ عَنْ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ اكْتِسَابُهَا
وَحَمَلَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّسَبَ أَلْزَمُ مِنْ الْوَلَاءِ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَقْبَلُ الْبُطْلَانَ فِي الْجُمْلَةِ وَالنَّسَبَ لَا يَقْبَلُهُ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ النَّسَبِ عَلَى الْوَلَاءِ (وَهَذَا) أَيْ إقْرَارُ الْبَائِعِ بِنَسَبِ مَا بَاعَهُ لِغَيْرِهِ (يَصْلُحُ مَخْرَجًا) أَيْ حِيلَةً (عَلَى أَصْلِهِ) أَيْ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ (فِيمَنْ يَبِيعُ الْوَلَدَ وَيَخَافُ عَلَيْهِ) أَيْ يَخَافُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَلَدِ (الدَّعْوَةَ بَعْدَ ذَلِكَ) مِنْ الْبَائِعِ (فَيَقْطَعُ دَعْوَاهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ دَعْوَى الْبَائِعِ (بِإِقْرَارِهِ بِالنَّسَبِ لِغَيْرِهِ) قَالَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ: صُورَتُهُ رَجُلٌ فِي يَدِهِ صَبِيٌّ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ يَبِيعُهُ وَلَا يَأْمَنُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدَّعِيَهُ الْبَائِعُ يَوْمًا فَيَنْتَقِضُ الْبَيْعُ فَيُقِرُّ الْبَائِعُ بِكَوْنِ الصَّبِيِّ ابْنَ عَبْدِهِ الْغَائِبِ حَتَّى يَأْمَنَ الْمُشْتَرِي مِنْ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ بِالدَّعْوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ حِيلَةً عِنْدَهُ.
وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ: الْحِيلَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ أَنَّ هَذَا ابْنُ عَبْدِهِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَكْذِيبٌ فَيَكُونُ مُخْرَجًا عَنْ قَوْلِ الْكُلِّ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
(قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: (وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: هُوَ ابْنِي وَقَالَ الْمُسْلِمُ: هُوَ عَبْدِي فَهُوَ ابْنُ النَّصْرَانِيِّ وَهُوَ حُرٌّ) وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا: هُوَ ابْنُ النَّصْرَانِيِّ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَتَانِ مَعًا، فَكَانَ قَوْلُهُ مَعًا إشَارَةً إلَى أَنَّ دَعْوَى الْمُسْلِمِ لَوْ سَبَقَتْ عَلَى دَعْوَى النَّصْرَانِيِّ يَكُونُ عَبْدًا لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: (لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجِّحٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (فَيَسْتَدْعِي تَعَارُضًا) يَعْنِي أَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجِّحٌ أَيْنَمَا كَانَ وَالتَّرْجِيحُ يَسْتَدْعِي تَعَارُضًا (وَلَا تَعَارُضَ) أَيْ لَا تَعَارُضَ هَاهُنَا لِأَنَّ التَّعَارُضَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُسَاوَاةِ وَلَا مُسَاوَاةَ هَاهُنَا (لِأَنَّ نَظَرَ الصَّبِيِّ فِي هَذَا أَوْفَرُ) يَعْنِي أَنَّ النَّظَرَ لِلصَّبِيِّ وَاجِبٌ وَنَظَرَهُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْفَرُ (لِأَنَّهُ يَنَالُ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ حَالًا وَشَرَفَ الْإِسْلَامِ مَآلًا إذْ دَلَائِلُ الْوَحْدَانِيَّةِ ظَاهِرَةٌ، وَفِي عَكْسِهِ) أَيْ وَفِي عَكْسِ مَا ذَكَرْنَاهُ (الْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ تَبَعًا) أَيْ يَنَالُ الْحُكْمَ بِالْإِسْلَامِ تَبَعًا (وَحِرْمَانُهُ عَنْ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ اكْتِسَابُهَا) أَيْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الصَّبِيِّ اكْتِسَابُ الْحُرِّيَّةِ فَانْتَفَى الْمُسَاوَاةُ، كَذَا رَأَى أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ فِي حَلِّ هَذَا الْمَقَامِ، وَهُوَ الْحَقِيقُ عِنْدِي أَيْضًا بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute