فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِلْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ حَتَّى يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِي الْحَقِيقَةِ لَهُمَا، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْجَنِينِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ (وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ بَاعَنِي أَوْ أَقْرَضَنِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّهُ بَيَّنَ مُسْتَحِيلًا.
أَيْضًا كَذَلِكَ فَلَا يُتَصَوَّرُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَإِلَّا لَا يَكُونُ طَرِيقًا لِلْعِلْمِ بِذَلِكَ أَصْلًا.
قُلْنَا: فَعَلَى ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ رَأْسًا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمًا بِوُجُودِهِ فِي الْبَطْنِ حِينَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي أَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَوَقْتُ الْفِرَاقِ أَكْثَرَ مِنْهُمَا فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ بِثُبُوتِ النَّسَبِ فَلْيُتَأَمَّلْ (فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ) أَيْ إنْ جَاءَتْ فُلَانَةُ بِالْوَلَدِ (مَيِّتًا فَالْمَالُ لِلْمُوصِي) فِيمَا إذَا قَالَ أَوْصَى بِهِ لَهُ فُلَانٌ (وَالْمُوَرِّثِ) فِيمَا إذَا قَالَ: مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ (حَتَّى يُقَسَّمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ) أَيْ يُقَسَّمَ الْمَالُ بَيْنَ وَرَثَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ (لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ مَا قَالَهُ (إقْرَارٌ فِي الْحَقِيقَةِ لَهُمَا) أَيْ لِلْمُوصِي وَالْمُوَرِّثِ (وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ) مِنْهُمَا (إلَى الْجَنِينِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ) إلَيْهِ هَاهُنَا لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ (وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ إنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَفِي الْوَصِيَّةِ كَذَلِكَ، وَفِي الْمِيرَاثِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَوْلَادِ أُمِّ الْمَيِّتِ لِمَا صَرَّحُوا مِنْ أَنَّ ذُكُورَهُمْ وَإِنَاثَهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْقِسْمَةِ سَوَاءٌ. أَقُولُ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ بِالنَّظَرِ إلَى وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ: إنْ قَالَ الْمُقِرُّ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ فَلِهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ شُرَّاحُ الْكِتَابِ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَغَيْرُهُمْ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى مُطْلَقِ الْإِرْثِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ غَيْرَ صَالِحٍ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ بَاعَنِي أَوْ أَقْرَضَنِي) أَيْ بَاعَنِي الْحَمْلُ أَوْ أَقْرَضَنِي (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مُسْتَحِيلًا) أَيْ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بَيَّنَ سَبَبًا مُسْتَحِيلًا فِي الْعَادَةِ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَاضُ مِنْ الْجَنِينِ لَا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا حُكْمًا لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَى الْجَنِينِ حَتَّى يَكُونَ تَصَرُّفُهُ بِمَنْزِلَةِ تَصَرُّفِ الْجَنِينِ فَيَصِيرُ مُضَافًا إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِذَا كَانَ مَا بَيَّنَهُ مِنْ السَّبَبِ مُسْتَحِيلًا صَارَ كَلَامُهُ لَغْوًا فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا. قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ بَيَانُ سَبَبٍ مُحْتَمَلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute