للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا فِي الدِّينَارِ ظَاهِرٌ. وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ أَوْصَافُهَا أَثْمَانٌ؛ أَمَّا الثَّوْبُ فَلَيْسَ بِثَمَنٍ أَصْلًا وَلِهَذَا لَا يَجِبُ بِمُطْلَقِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَمَا يَكُونُ ثَمَنًا صَلَحَ مُقَدِّرًا بِالدَّرَاهِمِ فَصَارَ مُسْتَثْنًى مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَمَا لَا يَكُونُ ثَمَنًا لَا يَصْلُحُ مُقَدِّرًا فَبَقِيَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الدَّرَاهِمِ مَجْهُولًا فَلَا يَصِحُّ.

أَوْصَافِهَا الَّذِي هُوَ الثَّمَنِيَّةُ وَهُوَ الدَّنَانِيرُ وَالْمُقَدَّرَاتُ وَالْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ (أَمَّا الدِّينَارُ فَظَاهِرٌ) يَعْنِي أَمَّا ثُبُوتُ الْمُجَانَسَةِ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةُ فِي صُورَةِ اسْتِثْنَاءِ الدِّينَارِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ بِلَا اشْتِبَاهٍ (وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ أَوْصَافُهُمَا أَثْمَانٌ) يَعْنِي وَأَمَّا ثُبُوتُ الْمُجَانَسَةِ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةُ فِي صُورَةِ اسْتِثْنَاءِ قَفِيزِ حِنْطَةٍ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ أَوْصَافُهَا أَثْمَانٌ.

تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ أَثْمَانٌ بِأَوْصَافِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ، حَتَّى لَوْ عُيِّنَتْ فِي الْعَقْدِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنَّهَا إذَا وُصِفَتْ ثَبَتَتْ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَيَجُوزُ الِاسْتِقْرَاضُ بِهَا فَكَانَتْ فِي حُكْمِ الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ مَعْنًى وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَاسًا صُورَةً وَالِاسْتِثْنَاءُ اسْتِخْرَاجٌ وَتَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي مَعْنًى لَا صُورَةً؛ لِأَنَّهُ تَكَلُّمٌ بِالْمِائَةِ صُورَةٍ، كَذَا فِي الْكَافِي وَالشُّرُوحِ (أَمَّا الثَّوْبُ) فِي الْوَجْهِ الثَّانِي (فَلَيْسَ بِثَمَنٍ أَصْلًا) أَيْ لَا ذَاتًا وَلَا وَصْفًا (وَلِهَذَا لَا يَجِبُ بِمُطْلَقِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ) بَلْ يَثْبُتُ سَلَمًا أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَى السَّلَمِ كَالْبَيْعِ بِثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ مُؤَجَّلًا فَلَمْ يَكُنْ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ اسْتِخْرَاجًا صُورَةً وَلَا مَعْنًى فَكَانَ بَاطِلًا (وَمَا يَكُونُ ثَمَنًا صَلُحَ مُقَدِّرًا) بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ (لِلدَّرَاهِمِ) أَيْ لِمَا دَخَلَ تَحْتَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الدَّرَاهِمِ لِحُصُولِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَهُمَا بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَخَصِّ الْأَوْصَافِ (فَصَارَ بِقَدْرِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ الدَّرَاهِمِ) بِقِيمَتِهِ فَصَارَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ إلَّا قَدْرَ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: إذَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ يُطْرَحُ قِيمَةُ الْمُسْتَثْنَى عَنْ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُسْتَثْنَى تَسْتَغْرِقُ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ (وَمَا لَا يَكُونُ ثَمَنًا لَا يَصْلُحُ مُقَدِّرًا) لِلدَّرَاهِمِ لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ (فَبَقِيَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَجْهُولًا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَبَقِيَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الدَّرَاهِمِ مَجْهُولًا (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَلَا يَمْتَنِعُ بِهِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ، وَلَكِنَّ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى تَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى تُورِثُ جَهَالَةً فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَبَقِيَ الْمُقَرُّ بِهِ مَجْهُولًا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَا لَيْسَ بِثَمَنٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُقَدِّرًا مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ، وَالْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْمُقَدِّرَاتِ تُقَدِّرُ الدَّرَاهِمَ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّقْدِيرَ الِاسْتِثْنَائِيَّ يَقْتَضِي حَقِيقَةَ التَّجَانُسِ أَوْ مَعْنَاهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَيْثُ أَخَصُّ الْأَوْصَافِ اسْتِحْسَانًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ التَّجَانُسِ، ثُمَّ الْمَصِيرُ إلَى الْقِيمَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُقَدِّرَاتِ انْتَهَى أَقُولُ بَقِيَ هَاهُنَا كَلَامٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَا يَكُونُ ثَمَنًا بِوَصْفِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إنَّمَا يَكُونُ ثَمَنًا وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ بِسَبَبِ الْوَصْفِ كَالْحِنْطَةِ الرَّبِيعِيَّةِ وَالْخَرِيفِيَّةِ لَا بِسَبَبِ الذَّاتِ وَالْعَيْنِ، حَتَّى لَوْ عُيِّنَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهِ فَيَكُونُ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ وَلَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ وُصِفَ وَلَمْ يُعَيَّنْ صَارَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ الدِّينَارِ فَيَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا إنَّمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُقَدِّرًا لِلدَّرَاهِمِ إذَا كَانَ مَوْصُولًا لَا مُطْلَقًا، وَفِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ لَمْ يُوصَفْ قَفِيزُ حِنْطَةٍ بِشَيْءٍ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُقَدِّرًا لِلدَّرَاهِمِ فَيَبْقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>