للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّتُّوقَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْأَثْمَانِ وَالْبَيْعُ يُرَدُّ عَلَى الثَّمَنِ فَكَانَ رُجُوعًا. وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهَا وَزْنُ خَمْسَةٍ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءً لِأَنَّهُ مِقْدَارٌ بِخِلَافِ الْجَوْدَةِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْوَصْفِ لَا يَجُوزُ كَاسْتِثْنَاءِ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ،

هَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي مُطْلَقِ اسْمِ الدَّرَاهِمِ أَمْ لَا.

فَأَبُو حَنِيفَةَ رَجَّحَ جَانِبَ الْعَيْبِ فِيهَا فَلَمْ يُدْخِلْهَا تَحْتَ مُطْلَقِ اسْمِ الدَّرَاهِمِ حَتَّى كَانَ دَعْوَى الزِّيَافَةِ رُجُوعًا عَمَّا أَقَرَّ أَوَّلًا بِمُطْلَقِ الدَّرَاهِمِ، وَهُمَا أَدْخَلَاهَا تَحْتَ مُطْلَقِ اسْمِ الدَّرَاهِمِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ، حَتَّى كَانَ دَعْوَى الزِّيَافَةِ بَعْدَ ذِكْرِ اسْمِ الدَّرَاهِمِ بَيَانَ تَغْيِيرٍ كَمَا فِي الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ، كَذَا فِي الْأَسْرَارِ وَغَيْرِهِ (وَالسَّتُّوقَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْأَثْمَانِ) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ (وَالْبَيْعُ يُرَدُّ عَلَى الثَّمَنِ) فَلَمْ تَكُنْ السَّتُّوقَةُ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ الْعَقْدِ (فَكَانَ) أَيْ فَكَانَ قَوْلُهُ الْآخَرُ (رُجُوعًا) عَمَّا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا: أَيْ فَكَانَ دَعْوَى السَّتُّوقَةِ بِتَأْوِيلِ الِادِّعَاءِ رُجُوعًا مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ مَفْصُولًا وَلَا مَوْصُولًا (وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهَا وَزْنُ خَمْسَةٍ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءً) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا اسْتَشْهَدَا بِهِ.

تَقْرِيرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً (لِأَنَّهُ مِقْدَارٌ) وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الْمِقْدَارِ صَحِيحٌ لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ يَتَنَاوَلُ الْقَدْرَ فَكَانَ اسْتِثْنَاءُ الْمَلْفُوظِ وَهُوَ صَحِيحٌ بِلَا رَيْبٍ (بِخِلَافِ الْجَوْدَةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ، فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ اسْتِثْنَاءً لِلدَّرَاهِمِ الْجَيِّدَةِ عَنْ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ وَالْجَوْدَةُ وَصْفٌ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهَا (لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْوَصْفِ لَا يَجُوزُ) لِعَدَمِ تَنَاوُلِ صَدْرِ الْكَلَامِ إيَّاهُ قَصْدًا بَلْ تَبَعًا (كَاسْتِثْنَاءِ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ) عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ: اسْتِثْنَاءُ الْوَصْفِ لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ فَكَيْفَ صَحَّحَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ اسْتِثْنَاءَ الزِّيَافَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ؟ قُلْنَا: صَحَّحَا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَالزِّيَافَةُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَيْنٌ لَا وَصْفٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إلَّا أَنَّهَا نَقْدُ بَلَدِ كَذَا وَنَقْدُ ذَلِكَ الْبَلَدِ زُيُوفٌ، وَهُنَاكَ صَحَّ هَذَا الْبَيَانُ مَوْصُولًا بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ فَصَارَ ذَلِكَ نَوْعًا لِلدَّرَاهِمِ لَا وَصْفًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ فِي الْحِنْطَةِ إلَّا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ، إلَى هَذَا أَشَارَ فِي الْأَسْرَارِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ انْتَهَى.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بَعْدَ نَقْلِ ذَلِكَ عَنْ النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: وَهَاهُنَا بَحْثٌ، إذْ حِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>