للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِبْرَاءُ مِمَّا يَتَقَيَّدُ بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ، وَسَتَخْرُجُ الْبُدَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

عَلَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَوْضُوعَةً لِلْمُعَاوَضَةِ لَمْ يَصِحَّ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِهَا مَا لَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا عَلَاقَةُ الْمَجَازِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ فِي الصُّلْحِ مُتَعَارَفًا لَا يُجْدِي مُنَاسَبَةً بَيْنَ مَا وُضِعَتْ لَهُ كَلِمَةُ عَلَى، وَبَيْنَ هَذَا الشَّرْطِ حَتَّى تَصْلُحَ عَلَاقَةٌ لِلْمَجَازِ، بِخِلَافِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، فَإِنَّ اشْتِرَاكَ الْمُعَاوَضَةِ وَالشَّرْطِ فِي مَعْنَى الْمُقَابَلَةِ مُنَاسَبَةٌ مُصَحِّحَةٌ لِلتَّجَوُّزِ. نَعَمْ يَكُونُ الْمَعْنَى الثَّانِي عِلَّةً مُرَجِّحَةً لِلتَّجَوُّزِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَتِ الْعِلَّةُ الْمُصَحِّحَةُ لَهُ، لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي كَوْنِهِ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً لِحَمْلِهَا عَلَى الْمَجَازِ وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا بِكَوْنِهِ عِلَّةً مُصَحِّحَةً لِلتَّجَوُّزِ كَالْأَوَّلِ وَلَيْسَ فَلَيْسَ. ثُمَّ أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ مَعْطُوفًا عَلَى الْأَقْرَبِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ كَثِيرِ مِنَ الشُّرَّاحِ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ، فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: فَتُحْمَلُ كَلِمَةُ عَلَى عَلَى الشَّرْطِ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَمْلِهَا عَلَى الْمُعَاوَضَةِ لِتَصْحِيحِ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ؛ أَوْ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الشَّرْطِ فِي الصُّلْحِ مُتَعَارَفٌ؛ فَيَكُونُ قَوْلُهُ لِوُجُودِ مَعْنَى الْمُقَابَلَةِ بَيَانًا لِلْعَلَاقَةِ الْمُصَحِّحَةِ لِلتَّجَوُّزِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ بَيَانًا لِلْعِلَّةِ الْمُرَجِّحَةِ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ بِوَجْهَيْنِ، فَيَنْتَظِمُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ مِمَّا يَتَقَيَّدُ بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، كَمَا فِي الْحَوَالَةِ). قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْحَوَالَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَيَفُوتُ بِفَوَاتِهِ، يَعْنِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ كَانَ كَالْحَوَالَةِ، فَإِنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَادَ الدَّيْنُ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ، انْتَهَى.

أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَى ذِي مُسْكَةٍ أَنَّ جَعْلَ قَوْلِهِ: كَمَا فِي الْحَوَالَةِ، مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: فَيَفُوتُ بِفَوَاتِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الْجُمَلِ الْكَثِيرَةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَهُمَا- بَعِيدٌ عَنْ سُنَنِ الصَّوَابِ عِنْدَ الْمَجَالِ الْوَاضِحِ لِجَعْلِهِ مُتَعَلِّقًا بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالْإِبْرَاءُ، إِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِالشَّرْطِ وَإِنَّ كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَعَنْ هَذَا قَالَ صَاحِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>