للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوْجِ وَدَوَاؤُهَا فِي مَالِهَا. قَالَ (وَإِذَا رَبِحَ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ مَا أَنْفَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ بَاعَ الْمَتَاعَ مُرَابَحَةً حَسَبَ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْمَتَاعِ مِنِ الْحِمْلَانِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَحْتَسِبُ مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ) لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِإِلْحَاقٍ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْمَالِيَّةِ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَالثَّانِيَ لَا يُوجِبُهَا.

قَالَ (فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ فَاشْتَرَى بِهَا ثِيَابًا فَقَصَّرَهَا أَوْ حَمَلَهَا بِمِائَةٍ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ) لِأَنَّهُ اسْتِدَانَةٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَلَا يَنْتَظِمُهُ هَذَا الْمَقَالُ عَلَى مَا مَرَّ (وَإِنْ صَبَغَهَا أَحْمَرَ فَهُوَ شَرِيكٌ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَلَا يَضْمَنُ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ قَائِمٍ بِهِ حَتَّى إِذَا بِيعَ كَانَ لَهُ حِصَّةُ الصَّبْغِ وَحِصَّةُ الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ بِخِلَافِ الْقِصَارَةِ وَالْحَمْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْنِ مَالٍ قَائِمٍ بِهِ، وَلِهَذَا إِذَا فَعَلَهُ الْغَاصِبُ ضَاعَ وَلَا يَضِيعُ إِذَا صَبَغَ الْمَغْصُوبَ، وَإِذَا صَارَ شَرِيكًا بِالصَّبْغِ انْتَظَمَهُ قَوْلُهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ انْتِظَامَهُ الْخُلْطَةَ فَلَا يَضْمَنُهُ.

وَكِيلًا لِغَيْرِهِ فَصَارَ مُسْتَرَدًّا، انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَلْفٌ فَاشْتَرَى بِهَا ثِيَابًا فَقَصَّرَهَا أَوْ حَمَلَهَا بِمِائَةٍ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ قِيلَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ). قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا بَعْدَ مَا مَرَّ تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ وَإِنْ صَبَغَهَا أَحْمَرَ فَهُوَ شَرِيكٌ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ.

أَقُولُ: هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَرَّتْ بِعَيْنِهَا وَخُصُوصِهَا فَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا مَرَّتْ فِي ضِمْنِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ فِمَا مَرَّ؛ حَيْثُ انْدَرَجَتْ تَحْتَ النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ أَيْضًا مَرَّتْ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ حَيْثُ انْدَرَجَتْ تَحْتَ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ الْأُولَى تَمْهِيدًا لِلثَّانِيَةِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمُرُورِ بِالْمَعْنَى الْمَزْبُورِ، بَلْ لَمْ تَكُنْ مَسْأَلَةٌ مِنْ مَسَائِلِ مَا يَفْعَلُهُ الْمُضَارِبُ خَارِجَةً مِنْ أَحَدِ أَنْوَاعِ ذَلِكَ الْأَصْلِ فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا زَعَمَهُ فَالْحَقُّ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَقْصُورَةٌ بِالْبَيَانِ هَاهُنَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصِيَّتُهُمَا كَسَائِرِ الْمَسَائِلِ، وَلَا يُنَافِيهِ انْدِرَاجُهُمَا تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيٍّ مَارٍّ، كَيْفَ وَتَفْرِيعُ الْفُرُوعِ عَلَى الْأُصُولِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَعَ أَنَّهُ الْمَسْلَكُ الْمُعْتَادُ فِي عَامَّةِ الْمَوَاقِعِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا صَارَ شَرِيكًا بِالصَّبْغِ انْتَظَمَهُ قَوْلُهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ انْتِظَامَهُ الْخُلْطَةَ فَلَا يَضْمَنُهُ). قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ: الْمُضَارِبُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الصَّبْغِ كَانَ بِهِ مُخَالِفًا غَاصِبًا فَيَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ كَالْغَاصِبِ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَهُمَا.

أُجِيبُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُضَارِبٍ قِيلَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْخَلْطَ، وَبِالصَّبْغِ اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِ الْمُضَارِبِ فَصَارَ شَرِيكًا فَلَمْ يَكُنْ غَاصِبًا فَلَا يَضْمَنُ. وَقَالَ: وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ: الْمُضَارِبُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا بِهَذَا الْفِعْلِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ، فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا وَقَعَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضِمْنَ الْمُضَارِبُ كَالْغَاصِبِ لِمَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ غَاصِبًا لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِدَانَةً عَلَى الْمَالِكِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ، اهـ كَلَامُهُ.

أَقُولُ: فِي آخِرِ كَلَامِهِ اضْطِرَابٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَعْلِيلِ انْدِفَاعِ مَا قِيلَ بِقَوْلِهِ: لِمَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>