وَبِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ مِنْ شَرِيكِهِ فَالْكُلُّ يَحْدُثُ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا شُيُوعَ، وَالِاخْتِلَافُ فِي النِّسْبَةِ لَا يَضُرُّهُ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ، وَبِخِلَافِ الشُّيُوعِ الطَّارِئِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْبَقَاءِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ يَقَعُ جُمْلَةً ثُمَّ الشُّيُوعُ بِتَفَرُّقِ الْمِلْكِ فِيمَا بَيْنَهُمَا طَارِئٌ.
أَوْ بِالتَّهَايُؤِ يَقْتَضِي جَوَازَ كَوْنِ ثُبُوتِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ بِثُبُوتِ التَّهَايُؤِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ أَنْ يُقَالَ ثُبُوتُ التَّهَايُؤِ بَلْ ثُبُوتُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّهَايُؤِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَحَقُّقِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ حُكْمًا لِلْعَقْدِ بِوَاسِطَةِ الْمِلْكِ.
وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْعَقْدِ لِكَوْنِهَا شَرْطَ جَوَازِهِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ثُبُوتُ الْمُتَقَدِّمِ بِثُبُوتِ الْمُتَأَخِّرِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْمُتَرَاخِي سَابِقًا وَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ أَصْلًا. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي جَوَازِ ثُبُوتِ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ بِمَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ ثُبُوتًا كَمَا فِي الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ، وَلَكِنْ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ لَيْسَ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ، إذْ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي أَنْ لَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِمَا وَالتَّسْلِيمُ مُمْكِنٌ بِالتَّخْلِيَةِ أَوْ بِالتَّهَايُؤِ أَنَّ ثُبُوتَ الْعِلْمِ بِإِمْكَانِ التَّسْلِيمِ بِالتَّخْلِيَةِ أَوْ بِالتَّهَايُؤِ، بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ ثُبُوتَ نَفْسِ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ: أَيْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِالتَّخْلِيَةِ أَوْ بِالتَّهَايُؤِ، وَمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا ذَلِكَ، فَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَيْضًا مَا أُرِيدَ بِهِ هُنَالِكَ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الشُّيُوعِ الطَّارِئِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْبَقَاءِ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: لَيْسَ لِقَوْلِهِ هَذَا تَعَلُّقٌ ظَاهِرًا إلَّا أَنْ يُجْعَلَ تَمْهِيدًا لِلْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِمَا أَوْ مِنْ رَجُلَيْنِ، لَكِنْ فِي قَوْلِهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ مِنْ رَجُلَيْنِ نَبْوَةً عَنْ ذَلِكَ تُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ اهـ كَلَامُهُ.
أَقُولُ: لَا يَذْهَبُ عَلَى ذِي فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ أَنَّ مَقْصُودَ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا دَفْعُ إشْكَالٍ يَرُدُّ عَلَى دَلِيلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ انْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ هُنَاكَ أَيْضًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ لِهَذَا تَعَلُّقًا ظَاهِرًا بِمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى أَنْ يُجْعَلَ تَمْهِيدًا لِمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ يَقَعُ جُمْلَةً ثُمَّ الشُّيُوعُ بِتَفَرُّقِ الْمِلْكِ فِيمَا بَيْنَهُمَا طَارِئٌ) قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ: فَإِنْ قُلْت: الشُّيُوعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute