لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَقْتِ يُوجِبُ كَوْنَ الْمَنْفَعَةِ مَعْقُودًا عَلَيْهَا وَذِكْرَ الْعَمَلِ يُوجِبُ كَوْنَهُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ وَلَا تَرْجِيحَ، وَنَفْعُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الثَّانِي وَنَفْعُ الْأَجِيرِ فِي الْأَوَّلِ فَيُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِجَارَةُ إذَا قَالَ: فِي الْيَوْمِ، وَقَدْ سَمَّى عَمَلًا؛ لِأَنَّهُ لِلظَّرْفِ فَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْيَوْمَ وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ فِي الطَّلَاقِ.
قَالَ:
فَلَا مَعْنَى لِلْحَصْرِ، وَإِثْبَاتُ الْمَطْلُوبِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّشْبِيهِ: أَيْ هُوَ كَعَامِلٍ لِنَفْسِهِ. اهـ. أَقُولُ: هَذَا الْبَحْثُ غَيْرُ مُتَمَشٍّ رَأْسًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْحَصْرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَوْ كَانَ مَعْنَاهُ إلَّا، وَهُوَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَقَطْ، أَمَّا إذَا كَانَ مَعْنَاهُ إلَّا، وَهُوَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ عَامِلٌ لِغَيْرِهِ أَيْضًا فَلَا حَصْرَ فِيهِ، فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَلَا مَعْنَى لِلْحَصْرِ إذْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَصْرُ فِيهِ. فَالْوَجْهُ فِي تَمْشِيَةِ الْبَحْثِ هَاهُنَا تَوْسِيعُ الدَّائِرَةِ، بِأَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَقَطْ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ الْأَجْرَ عَلَى فِعْلِهِ لِنَفْسِهِ لَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقَهُ عَلَى فِعْلِهِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ، وَسَيَأْتِي تَتِمَّةُ هَذَا الْكَلَامِ فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَقْتِ يُوجِبُ كَوْنَ الْمَنْفَعَةِ مَعْقُودًا عَلَيْهَا، وَذِكْرَ الْعَمَلِ يُوجِبُ كَوْنَهُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ وَلَا تَرْجِيحَ) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لِمَ لَا يَكُونُ تَقْدِيمُ ذِكْرِ الْعَمَلِ مُرَجِّحًا لِكَوْنِ الْعَمَلِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ كَمَا كَانَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute