صَحِيحًا عَلَى الْقِيمَةِ فَافْتَرَقَا.
قَالَ (وَإِذَا قَبَضَهَا عَتَقَ) لِأَنَّ فِي الْكِتَابَةِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ.
فَإِذَا وَصَلَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ إلَى الْمَوْلَى سَلَّمَ الْعِوَضَ الْآخَرَ لِلْعَبْدِ وَذَلِكَ بِالْعِتْقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا حَيْثُ لَمْ تَجُزْ الْكِتَابَةُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْتِزَامِ الْخَمْرِ، وَلَوْ أَدَّاهَا عَتَقَ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَنَا أَنَّ هَذَا يَعْنِي مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قِيَاسٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّ قِيَاسَ الْكِتَابَةِ عَلَى الْبَيْعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ ابْتِدَاؤُهَا أَوْ مِنْ حَيْثُ الِانْتِهَاءُ وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْكِتَابَةُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ فَكِّ الْحَجْرِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَكَذَلِكَ الثَّانِي لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الِانْتِهَاءِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ وَهُوَ الرَّقَبَةُ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ الْمِلْكُ فِيهِ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ فِي الِانْتِهَاءِ، وَفِي أَنَّ مَبْنَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَهَذَا الْمِقْدَارُ كَافٍ فِي إلْحَاقِهَا بِالنِّكَاحِ.
وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ لِزِيَادَةِ اسْتِظْهَارٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ مُتَفَرِّعًا عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ فِي الِانْتِهَاءِ، وَلَيْسَ بِتَامٍّ لِأَنَّ كَوْنَ النِّكَاحِ فِي الِابْتِدَاءِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ وَهُوَ الْمَهْرُ بِغَيْرِ مَالٍ وَهُوَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ ظَاهِرٌ مُقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ فِي مَحِلِّهِ.
أَمَّا كَوْنُهُ فِي الِانْتِهَاءِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ وَمِمَّا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَّاحِ هَاهُنَا سِوَى تَاجِ الشَّرِيعَةِ وَالْعَيْنِيِّ فَإِنَّهُمَا قَالَا فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ مَالٌ عِنْدَ الدُّخُولِ فَيَكُونُ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ انْتَهَى، فَكَانَ حَقُّ الْمَقَامِ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ مُتَفَرِّعًا إمَّا عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَقَطْ أَوْ عَلَى مَجْمُوعِ الشِّقَّيْنِ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ قَالَ: وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute