للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُشْبِهُ الْبَيْعَ وَتُشْبِهُ النِّكَاحَ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالْبَيْعِ فِي شَرْطٍ تَمَكَّنَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، كَمَا إذَا شَرَطَ خِدْمَةً مَجْهُولَةً لِأَنَّهُ فِي الْبَدَلِ وَبِالنِّكَاحِ فِي شَرْطٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي صُلْبِهِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ. أَوْ نَقُولُ: إنَّ الْكِتَابَةَ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ إعْتَاقٌ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ الْمِلْكِ، وَهَذَا الشَّرْطُ يَخُصُّ الْعَبْدَ فَاعْتُبِرَ إعْتَاقًا فِي حَقِّ هَذَا الشَّرْطِ، وَالْإِعْتَاقُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.

قَالَ (وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى)

لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُشْبِهُ الْبَيْعَ وَتُشْبِهُ النِّكَاحَ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالْبَيْعِ فِي شَرْطٍ تَمَكَّنَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، كَمَا إذَا شَرَطَ خِدْمَةً مَجْهُولَةً لِأَنَّهُ فِي الْبَدَلِ وَبِالنِّكَاحِ فِي شَرْطٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي صُلْبِهِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَدْ مَرَّ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ فِي مَسْأَلَةِ جَوَازِ الْكِتَابَةِ عَلَى حَيَوَانٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ أَنَّ أَئِمَّتَنَا قَالُوا بِمُشَابَهَةِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ لِلنِّكَاحِ وَعَمِلُوا بِهَا.

وَرَدُّوا عَلَى الشَّافِعِيِّ قَوْلَهُ بِمُشَابَهَتِهِ لِلْبَيْعِ فَكَيْفَ يَصِحُّ مِنْهُمْ الْعَمَلُ هَاهُنَا بِشَبَهِهِ بِالْبَيْعِ أَيْضًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّبَهَيْنِ مَعًا فِيمَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِمَا كَمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَا يُنَافِي الْعَمَلَ بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ دُونَ الْآخَرِ لِرُجْحَانِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي فِيمَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِمَا مَعًا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ نَقُولُ إنَّ الْكِتَابَةَ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ إعْتَاقٌ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ الْمِلْكِ، وَهَذَا الشَّرْطُ يَخُصُّ الْعَبْدَ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ: لَوْ قَالَ فِي جَانِبِ الْمَوْلَى إعْتَاقٌ أَوْ قَالَ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ عِتْقٌ كَانَ أَوْلَى انْتَهَى.

أَقُولُ: كُلُّ مَنْ شِقَّيْ كَلَامِهِ مَنْظُورٌ فِيهِ. أَمَّا شِقُّهُ الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي جَانِبِ الْمَوْلَى إعْتَاقٌ لَمْ يَتِمَّ الْمَطْلُوبُ، لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَخُصُّ الْعَبْدَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْكِتَابَةِ إعْتَاقًا فِي جَانِبِ الْمَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفَسَّرًا فِي جَانِبِ الْعَبْدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ إعْتَاقًا فِي جَانِبِ الْعَبْدِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلِهَذَا قَالَ: إنَّ الْكِتَابَةَ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ إعْتَاقٌ.

وَأَمَّا شِقُّهُ الثَّانِي فَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فِي قَوْلِهِ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ إعْتَاقٌ مَصْدَرٌ مِنْ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ دُونَ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ فَيَئُولُ إلَى الْعِتْقِ، فَكَانَ قَوْلُهُ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ إعْتَاقٌ وَقَوْلُهُ فِي جَانِبِ الْعَبْدِ عِتْقٌ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ: وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ضَعِيفٌ، إذْ حَاصِلُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْكِتَابَةَ تُشْبِهُ الْعِتْقَ وَالْعِتْقُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَلَا تَفْسُدُ الْكِتَابَةُ أَيْضًا بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لِشُبْهَةٍ بِالْعِتْقِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إذَا كَانَ لِشُبْهَةٍ بِالْعِتْقِ أَثَرٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ الْكِتَابَةُ أَيْضًا إذَا دَخَلَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ مِنْ الْبَيَانِ ضَعِيفٌ. وَالْأَوْلَى مَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا مِنْ رِعَايَةِ الشَّبَهَيْنِ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ.

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بَعْدَ نَقْلِ اعْتِرَاضِ صَاحِبِ الْغَايَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهُ بِمُلَاحَظَةِ قَوْلِهِ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى مُعَاوَضَةٌ فَلِذَلِكَ فَسَدَتْ بِالدَّاخِلِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، أَوْ نَقُولُ يَنْدَفِعُ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّ هَذَا الشَّرْطِ انْتَهَى. أَقُولُ: كُلٌّ مِنْ وَجْهَيْ دَفْعِهِ غَيْرُ سَالِمٍ. أَمَّا وَجْهُهُ الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ كَوْنَ الْكِتَابَةِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى مُعَاوَضَةً مُتَحَقِّقٌ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ الْكِتَابَةِ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عِلَّةً لِلْفَسَادِ لَفَسَدَتْ بِغَيْرِ الدَّاخِلِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَيْضًا، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>