للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْمُضَارِبُ وَالْمُفَاوِضُ وَالشَّرِيكُ شَرِكَةَ عِنَانٍ هُوَ قَاسَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَاعْتَبَرَهُ بِالْإِجَارَةِ.

قُبَيْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَا مَعْنَى بَيَانِ خِلَافِ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ مَجْمُوعَ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْبَابِ فَيُتَّجَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَعْضُ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنَّهُمَا يَجُوزَانِ لِلْمَأْذُونِ لَهُ قَطْعًا كَمَا يَجُوزَانِ لِلْمُكَاتَبِ فَلَا مَعْنَى لِلسَّلْبِ الْكُلِّيِّ.

فَإِنْ قُلْت: الْمُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَصَالَةً، وَمَسْأَلَةُ جَوَازِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالسَّفَرِ إنَّمَا ذُكِرَتْ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَخْ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ ثَمَّةَ. قُلْت: قَدْ عَرَفْت هُنَاكَ أَنَّ مَا يَصْلُحُ لِلتَّمْهِيدِ إنَّمَا هُوَ مَسْأَلَةُ جَوَازِ السَّفَرِ دُونَ مَسْأَلَتَيْ جَوَازِ الْبَيْعِ وَجَوَازِ الشِّرَاءِ، فَحَدِيثُ الذَّكَرِ لِلتَّمْهِيدِ دُونَ الْأَصَالَةِ لَا يَتِمُّ عُذْرًا لَا هُنَاكَ وَلَا هُنَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْوِقَايَةِ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَوَّلًا مَا يَصِحُّ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ بِقَوْلِهِ صَحَّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَفَرُهُ وَإِنْ شَرَطَ ضِدَّهُ وَإِنْكَاحُ أَمَتِهِ وَكِتَابَةُ عَبْدِهِ. وَثَانِيًا مَا لَا يَصِحُّ مِنْهَا بِقَوْلِهِ لَا تَزَوُّجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَتَصَدُّقُهُ إلَّا بِيَسِيرٍ وَتَكَفُّلُهُ وَإِقْرَاضُهُ وَإِعْتَاقُ عَبْدِهِ وَلَوْ بِمَالٍ. ثُمَّ لَمَّا قَالَ: وَشَيْءٌ مِنْ ذَا لَا يَصِحُّ مِنْ مَأْذُونٍ وَمُضَارِبٍ وَشَرِيكٍ تَفَطَّنَ شَارِحُهَا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ لِمَا فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ الِاشْتِبَاهِ وَالْإِشْكَالِ.

فَحَمَلَ الْإِشَارَةَ عَلَى الْمَنْفِيَّاتِ فَقَطْ وَهِيَ مِنْ قَوْلِهِ لَا تَزَوُّجُهُ إلَخْ لِكَوْنِهَا عَلَى قَرْنٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَحْمِلْهَا عَلَى مَجْمُوعِ الْمَنْفِيَّاتِ وَالْمُثْبَتَاتِ لِعَدَمِ تَمَامِهَا فِي صُورَتَيْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْمُثْبَتَاتِ. وَأَمَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلَا يَتَيَسَّرُ هَذَا التَّوْجِيهُ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْمَنْفِيَّاتِ لَمْ تُذْكَرْ فِيهِ عَلَى قَرْنٍ وَاحِدٍ بَلْ ذُكِرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَنْفِيَّاتِ وَالْمُثْبَتَاتِ مُخْتَلِطَةً مَعَ الْأُخْرَى فَلَا تُفْهَمُ الْإِشَارَةُ إلَى الْبَعْضِ دُونَ الْآخَرِ مِنْ اللَّفْظِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ يَمْنَعُ ذَلِكَ. لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ مِنْ قَبِيلِ الْمُثْبَتَاتِ فِي الْمُكَاتَبِ، وَأَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ كَيْفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَاهُنَا لَا لِلتَّوْجِيهِ وَلَا لِلِاسْتِشْكَالِ مَعَ ظُهُورِ الرَّكَاكَةِ فِي التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ هُوَ قَاسَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَاعْتَبَرَهُ بِالْإِجَارَةِ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ قَاسَ الْمَأْذُونَ لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ فَكَذَلِكَ الْمَأْذُونُ لَهُ، وَاعْتَبَرَ التَّزْوِيجَ بِالْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ كَذَا فِي الشُّرُوحِ. أَقُولُ: فِي كُلٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>