للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَتَوَقَّفَانِ عَلَى إجَازَتِهِ وَلَا يَنْفُذَانِ بِمُبَاشَرَتِهِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْعُقُودِ. قَالَ (وَإِنْ أَتْلَفَا شَيْئًا لَزِمَهُمَا ضَمَانُهُ) إحْيَاءً لِحَقِّ الْمُتْلَفِ عَلَيْهِ، وَهَذَا لِأَنَّ كَوْنَ الْإِتْلَافِ مُوجِبًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَصْدِ كَاَلَّذِي يَتْلَفُ بِانْقِلَابِ النَّائِمِ عَلَيْهِ وَالْحَائِطِ الْمَائِلِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، بِخِلَافِ الْقَوْلِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ.

قَالَ (فَأَمَّا) (الْعَبْدُ فَإِقْرَارُهُ نَافِذٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ) لِقِيَامِ أَهْلِيَّتِهِ (غَيْرُ نَافِذٍ فِي حَقِّ مَوْلَاهُ) رِعَايَةً لِجَانِبِهِ، لِأَنَّ نَفَاذَهُ لَا يَعْرَى عَنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ أَوْ كَسْبِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ إتْلَافُ مَالِهِ.

قَالَ (فَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَزِمَهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ) لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ وَزَوَالِ الْمَانِعِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْحَالِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ (وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الدَّمِ حَتَّى لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ (وَيَنْفُذُ طَلَاقُهُ) لِمَا رَوَيْنَا، وَلِقَوْلِهِ «لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ شَيْئًا إلَّا الطَّلَاقَ» وَلِأَنَّهُ عَارِفٌ بِوَجْهِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ فَكَانَ أَهْلًا، وَلَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ مِلْكِ الْمَوْلَى وَلَا تَفْوِيتُ مَنَافِعِهِ فَيَنْفُذُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الْبُلُوغِ، لَكِنَّ الصَّبِيَّ لَا وُقُوفَ لَهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فِي الطَّلَاقِ بِحَالٍ.

أَمَّا فِي الْحَالِ فَلِعَدَمِ الشَّهْوَةِ، وَأَمَّا فِي الْمَآلِ فَلِأَنَّ عِلْمَ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِتَبَايُنِ الْأَخْلَاقِ وَتَنَافُرِ الطِّبَاعِ عِنْدَ بُلُوغِهِ حَدَّ الشَّهْوَةِ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِذَلِكَ، وَالْوَلِيُّ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَقِفَ عَلَى مَصْلَحَتِهِ فِي الْحَالِ لَكِنْ لَا وُقُوفَ لَهُ عَلَى عَدَمِ التَّوَافُقِ عَلَى اعْتِبَارِ بُلُوغِهِ حَدَّ الشَّهْوَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ.

أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ جَعْلَهُ الطَّلَاقَ مِمَّا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضُّرِّ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ نَفْسُهُ وَسَائِرُ الشُّرَّاحِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مِمَّا يَتَمَحَّضُ ضَرَرًا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هَاهُنَا عَلَى التَّنَزُّلِ وَالتَّسْلِيمِ فَتَأَمَّلْ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمَصْلَحَةِ فِي قَوْلِهِ وَالْوَلِيُّ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَقِفَ عَلَى مَصْلَحَتِهِ فِي الْحَالِ مَصْلَحَةَ الصَّبِيِّ فِي الطَّلَاقِ كَمَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِمَا نَحْنُ فِيهِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ مِنْ قَبْلُ لَكِنَّ الصَّبِيَّ لَا وُقُوفَ لَهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فِي الطَّلَاقِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَتِمَّ قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَقِفَ عَلَى مَصْلَحَتِهِ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَى مَصْلَحَتِهِ فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ عَدَمُ شَهْوَتِهِ فِي الْحَالِ، كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْمَزْبُورُ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ وُقُوفِ الصَّبِيِّ عَلَى تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ، فَعِنْدَ تَقَرُّرِ هَاتِيكَ الْعِلَّةِ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقِفَ عَلَى تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ مَصْلَحَتَهُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ يَكُونُ ذِكْرُهَا لَغْوًا فِي إثْبَاتِ مَا نَحْنُ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>