وَفِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمُخْتَصَرِ: وَإِذَا هَلَكَ الْغَصْبُ وَالْمَنْقُولُ هُوَ الْمُرَادُ لِمَا سَبَقَ أَنَّ الْغَصْبَ فِيمَا يُنْقَلُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْغَصْبِ السَّابِقِ إذْ هُوَ السَّبَبُ. وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ رَدِّهِ يَجِبُ رَدُّ الْقِيمَةِ أَوْ يَتَقَرَّرُ بِذَلِكَ السَّبَبُ وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ.
(وَإِنْ نَقَصَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ)؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالْغَصْبِ، فَمَا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ يَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ،
فِي الْعَقَارِ بِأَنْ قَالَ: لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِيهِ لِانْتِفَاءِ إثْبَاتِ الْيَدِ فَتَأَمَّلْ اهـ.
أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، إذْ لَيْسَ فِي الْخُصُومِ مَنْ يُنْكِرُ تَحَقُّقَ إثْبَاتِ الْيَدِ فِيهِ، وَلَا مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِ كَمَا عَرَفْته آنِفًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقُولَ الْخَصْمُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِيهِ لِانْتِفَاءِ إثْبَاتِ الْيَدِ
(قَوْلُهُ وَفِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمُخْتَصَرِ: وَإِذَا هَلَكَ الْغَصْبُ وَالْمَنْقُولُ هُوَ الْمُرَادُ لِمَا سَبَقَ أَنَّ الْغَصْبَ فِيمَا يُنْقَلُ) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ أَرَادَ أَنَّ الْغَصْبَ الشَّرْعِيَّ فِيمَا يُنْقَلُ فَهُوَ مُسَلَّمٌ، وَلَكِنْ لَا يُعْلَمُ بِهِ كَوْنُ الْمَنْقُولِ هُوَ الْمُرَادُ بِالْغَصْبِ الْمَذْكُورِ هَاهُنَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمُخْتَصَرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْغَصْبُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ يَعُمُّ الْمَنْقُولَ وَغَيْرَهُ؛ أَلَا يَرَى أَنَّهُ ذَكَرَ الْغَصْبَ فِيمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا غَصَبَ عَقَارًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَأَرَادَ بِهِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْغَصْبَ مُطْلَقًا فِيمَا يُنْقَلُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ جِدًّا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأَوَّلُ، وَلَا يُرَدُّ جَوَازُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْغَصْبِ الْمَذْكُورِ هَاهُنَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمُخْتَصَرِ الْغَصْبُ اللُّغَوِيُّ دُونَ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ فِي الْمَنْقُولَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مَعْنَى مَجَازِيٌّ بِالنَّظَرِ إلَى وَضْعِ أَهْلِ الشَّرْعِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ، بَلْ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ أَيْضًا، فَلَا بُدَّ فِي إرَادَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِالْمَنْقُولَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِي تَخَاطُبِ أَهْلِ الشَّرْعِ مِنْ قَرِينَةٍ وَهَاهُنَا الْقَرِينَةُ مُنْتَفِيَةٌ فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَإِذَا غَصَبَ عَقَارًا، فَإِنَّ قَوْلَهُ قُبَيْلَ ذَلِكَ وَالْغَصْبُ فِيمَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ قَرِينَةٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْغَصْبِ فِي قَوْلِهِ غَصَبَ عَقَارًا مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ دُونَ الشَّرْعِيِّ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ) أَقُولُ: فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ تَعُمُّ الْمِثْلِيَّ وَغَيْرَ الْمِثْلِيِّ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ لِعُمُومِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي جَوَابِهَا كُلًّا مِنْهُمَا، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ لَا يَتَمَشَّى فِي صُورَةِ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ﵏، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَاتِيك الصُّورَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ فَلَمْ يَتِمَّ التَّقْرِيبُ لِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ اتِّفَاقِيَّةً
(قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالْغَصْبِ، فَمَا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ يَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ) أَقُولُ: فِي هَذَا التَّعْلِيلِ قُصُورٌ، إذْ قَدْ صَرَّحَ فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ بِأَنَّ مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ تَعُمُّ مَا كَانَ النُّقْصَانُ فِي بَدَنِ الْمَغْصُوبِ مِثْلَ أَنْ كَانَ جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ أَوْ نَاهِدَةَ الثَّدْيَيْنِ فَانْكَسَرَ ثَدْيُهَا، وَمَا كَانَ فِي غَيْرِ بَدَنِهِ مِثْلَ أَنْ كَانَ عَبْدًا مُحْتَرِفًا فَنَسِيَ الْحِرْفَةَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَمَشَّى فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute