للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَافِ تَرَاجُعِ السِّعْرِ إذَا رَدَّ فِي مَكَان الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ فُتُورِ الرَّغَبَاتِ دُونَ فَوْتِ الْجُزْءِ، وَبِخِلَافِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ عَقْدٍ. أَمَّا الْغَصْبُ فَقَبْضٌ وَالْأَوْصَافُ تُضْمَنُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْعَقْدِ عَلَى مَا عُرِفَ. قَالَ : وَمُرَادُهُ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ، أَمَّا فِي الرِّبَوِيَّات لَا يُمْكِنُهُ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا. .

قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ فَنَقَصَتْهُ الْغَلَّةُ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ)؛ لِمَا بَيَّنَّا (وَيَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ) قَالَ وَهَذَا عِنْدَهُمَا أَيْضًا.

فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْأَوْصَافُ دُونَ الْأَجْزَاءِ. فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهُ يَدْخُلُ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ وَأَوْصَافِهِ فِي ضَمَانه بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ أَوْفَى بِالصُّورَتَيْنِ مَعًا وَأَوْفَقُ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَبِخِلَافِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ عَقْدٍ، أَمَّا الْغَصْبُ فَقَبْضٌ، وَالْأَوْصَافُ تُضْمَنُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْعَقْدِ عَلَى مَا عُرِفَ تَأَمَّلْ تَقِفْ (قَوْلَهُ وَمُرَادُهُ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ، أَمَّا فِي الرِّبَوِيَّاتِ لَا يُمْكِنُهُ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا) يَعْنِي أَنَّ مُرَادَ الْقُدُورِيِّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَقَصَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ غَيْرَ الرِّبَوِيِّ، وَأَمَّا فِي الرِّبَوِيَّاتِ: أَيْ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا فَلَا يُمْكِنُ لِلْمَالِكِ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ فِي الْوَصْفِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا، هَذَا فَحْوَى كَلَامِهِ.

أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: عَدَمُ إمْكَانِ ذَلِكَ مُسَلَّمٌ فِيمَا إذَا كَانَ نُقْصَانُ الرِّبَوِيَّاتِ فِي الْأَوْصَافِ كَمَا إذَا غَصَبَ حِنْطَةً تَعَفَّنَتْ فِي يَدِهِ، إذْ لَا اعْتِبَارَ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْوَصْفِ عِنْدَنَا فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَيُؤَدِّي تَضْمِينُ النُّقْصَانِ فِي الْوَصْفِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ إلَى الرِّبَا لَا مَحَالَةَ، وَأَمَّا فِيمَا إذَا كَانَ نُقْصَانُهَا فِي الْأَجْزَاءِ كَمَا إذَا غَصَبَ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا فَتَلِفَ بَعْضُ أَجْزَائِهِ فَنَقَصَ قَدْرُهُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا فَيُمْكِنُ لِصَاحِبِ الْمَالِ تَضْمِينَ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْبَاقِي مِنْ الْأَصْلِ بِلَا تَأَدٍّ إلَى الرِّبَا أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى، فَمَا مَعْنَى تَخْصِيصِ مُرَادِ الْقُدُورِيِّ بِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ إمْكَانِ تَضْمِينِ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمُرَادُهُ أَيْ مُرَادُ الْقُدُورِيِّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَقَصَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ غَيْرَ الرِّبَوِيِّ، أَمَّا فِي الرِّبَوِيَّاتِ كَمَا إذَا غَصَبَ حِنْطَةً فَعَفِنَتْ عِنْدَهُ أَوْ إنَاءَ فِضَّةٍ فَانْهَشَمَ فِي يَدِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ تَضْمِينَ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا، لَكِنَّ صَاحِبَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَضَمَّنَهُ مِثْلَهُ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ. أَقُولُ: تَقْرِيرُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ هَاهُنَا وَإِنْ كَانَ مُطَابِقًا لِمَا ذُكِرَ فِي الْكَافِي وَمَا ذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْإِيضَاحِ إلَّا أَنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِ عِنْدِي.

أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ فِيمَا مَرَّ حَتَّى الْعِنَايَةِ نَفْسِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>