أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَبْطُلُ بِهِ عَامَّةُ الْمَنَافِعِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ وَجِنْسُ الْمَنْفَعَةِ وَيَبْقَى بَعْضُ الْعَيْنِ وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْيَسِيرُ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ النُّقْصَانُ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا جَعَلَ فِي الْأَصْلِ قَطْعَ الثَّوْبِ نُقْصَانًا فَاحِشًا وَالْفَائِتُ بِهِ بَعْضُ الْمَنَافِعِ. .
قَالَ (وَمَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى قِيلَ لَهُ
تَضْمِينِ قِيمَتِهَا وَبَيْنَ إمْسَاكِ الْجُثَّةِ وَتَضْمِينِ نُقْصَانِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ نَقْلُ الْكُتُبِ عَلَى خِلَافِهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُغْنِي فَقَالَ: وَفِي الْمُنْتَقَى: هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ: رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ حِمَارٍ أَوْ رِجْلَهُ وَكَانَ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَيَأْخُذَ النُّقْصَانَ اهـ كَلَامَهُ.
أَقُولُ: لِمَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَ مُخَالَفَةَ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ لِنَقْلِ الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ مَا رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ مِنْ جَوَازِ اخْتِيَارِ الْإِمْسَاكِ وَأَخْذِ النُّقْصَانِ فِيمَا إذَا قَطَعَ طَرَفًا مِنْ غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ كَانَ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ كَمَا تَرَى، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وُجُوبَ تَضْمِينِ جَمِيعِ الْقِيمَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَا بَعْدَ قَطْعِ الطَّرَفِ قِيمَةٌ، بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ الِاسْتِهْلَاكُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِيمَا إذَا كَانَ لِمَا بَقِيَ بَعْدَ قَطْعِ الطَّرَفِ قِيمَةٌ، بَلْ يَبْقَى فِيهِ مَنْفَعَةُ الْقِيمَةِ فَيَصِيرُ هَالِكًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْكِفَايَةِ تَنَبَّهَ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَقَطَعَ الْغَاصِبُ طَرَفَهَا لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا: أَيْ الْوَاجِبُ هُنَا جَمِيعُ الْقِيمَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلدَّابَّةِ مَنْفَعَةٌ بَعْدَ قَطْعِ طَرَفِهَا لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَمَّا إذَا كَانَ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَيَأْخُذَ النُّقْصَانَ، وَنَقَلَ مَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute