للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي النَّصِيبَيْنِ، أَمَّا هَاهُنَا لَا ضَرَرَ بِالْمُسْتَحِقِّ فَافْتَرَقَا، وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ: إذَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ الْمُقَدَّمَ مِنْ الدَّارِ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْمُؤَخَّرِ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمُقَدَّمِ، فَعِنْدَهُمَا إنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ دَفْعًا لِعَيْبِ التَّشْقِيصِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمُؤَخَّرِ، لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ كُلَّ الْمُقَدَّمِ رَجَعَ بِنِصْفِ مَا فِي يَدِهِ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ النِّصْفَ رَجَعَ بِنِصْفِ النِّصْفِ وَهُوَ الرُّبُعُ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْمُقَدَّمِ نِصْفَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ الْبَاقِي شَائِعًا رَجَعَ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِ الْآخَرِ عِنْدَهُمَا لِمَا ذَكَرْنَا وَسَقَطَ خِيَارُهُ بِبَيْعِ الْبَعْضِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ نِصْفِ مَا بَاعَ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَنْقَلِبُ فَاسِدَةً عِنْدَهُ، وَالْمَقْبُوضُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ مَمْلُوكٌ فَنَفَذَ الْبَيْعُ فِيهِ وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ نَصِيبِ صَاحِبِهِ.

قَوْلُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْقِسْمَةِ حَيْثُ قَالَ: لَا حَاجَةَ إلَى الْقَوْلِ بِوَضْعِ الْمَسْأَلَةِ فِي صُورَةِ التَّرَاضِي، فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي تَبْطُلُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْغَائِبُ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْغُرَمَاءُ انْتَهَى أَقُولُ: لَيْسَ ذَاكَ بِصَحِيحٍ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ إذَا كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا تَبْطُلُ بِعَدَمِ رِضَا الْغَائِبِ، أَلَا يَرَى إلَى مَا مَرَّ فِي الْكِتَابِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا حَضَرَ وَارِثَانِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَفَاةِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ وَالدَّارُ فِي أَيْدِيهِمْ وَمَعَهُمْ وَارِثٌ غَائِبٌ قَسَمَهَا الْقَاضِي بِطَلَبِ الْحَاضِرِينَ وَيُنَصِّبُ لِلْغَائِبِ وَكِيلًا بِقَبْضِ نَصِيبِهِ انْتَهَى. وَلَوْ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ بِعَدَمِ رِضَا الْغَائِبِ لَمَا سَاغَ لِلْقَاضِي الْقِسْمَةُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ بِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْحَاضِرِينَ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ لَيْسَ بِحَوَالَةٍ رَابِحَةٍ إذْ لَا شَيْءَ فِي شَرْحِ ذَلِكَ مَا يُوهِمُ بُطْلَانَهَا سِوَى قَوْلِ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرَ وَارِثٌ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نَقْضِي حَقَّهُمَا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تُنْقَضُ إنْ لَمْ يَرْضَ الْوَارِثُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ حَقَّهُمَا فِي عَيْنُ التَّرِكَةِ فَلَا يُنْقَلُ إلَى مَالٍ آخَرَ إلَّا بِرِضَاهُمَا انْتَهَى لَكِنَّ الْمُرَادَ بِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ فِي صُورَةِ ظُهُورِ الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ انْتِقَاضُهَا فِي قَدْرِ حَقِّهِمَا مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ لَا انْتِقَاضَهَا فِي مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِئْنَافِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، أَوْ الْمُرَادُ انْتِقَاضُهَا بِالْكُلِّيَّةِ أَيْضًا لَكِنْ فِي صُورَةِ الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي دُونَ الْقِسْمَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، إذْ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ وَارِثٌ أَوْ الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: مُوجِبُ نَقْضِ الْقِسْمَةِ بَعْدَ وُجُودِهَا أَنْوَاعٌ: مِنْهَا ظُهُورُ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا طَلَبَ الْغُرَمَاءُ دُيُونَهُمْ وَلَا مَالَ لِلْمَيِّتِ سِوَاهُ وَلَا قَضَاهُ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهَا ظُهُورُ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْءٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَهَلَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ جَمِيعًا وَالْبَاقِي عَلَى الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ وَلَوْ اقْتَسَمُوا وَثَمَّةَ وَارِثٌ غَائِبٌ تُنْقَضُ فَكَذَا هَذَا. وَقَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي، فَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا تُنْقَضُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ كَانَ كَوَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>