للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمُهَايَأَةِ شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ) لِحُدُوثِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِهِ (وَلَوْ تَهَايَئَا فِي عَبْدٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا جَازَ)، وَكَذَا هَذَا فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ (لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الزَّمَانِ،

وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتُ، هَذَا إيضَاحٌ أَنَّهُ إفْرَازٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُبَادَلَةً كَانَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِالْعِوَضِ فَيَلْحَقُ بِالْإِجَارَةِ حِينَئِذٍ فَيُشْتَرَطُ التَّأْقِيتُ، كَذَا فِي الشَّرْحِ. أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُبَادَلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَانَ مُلْحَقًا بِالْإِجَارَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتُ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ كَوْنِهِ مُبَادَلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَوْنُهُ إفْرَازًا مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَثْبُتَ كَوْنُهُ إفْرَازًا لِجَمِيعِ الْأَنْصِبَاءِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ إفْرَازًا مِنْ وَجْهٍ وَمُبَادَلَةً مِنْ وَجْهٍ بِأَنْ يَكُونَ إفْرَازًا لِنَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي يَسْكُنُ هُوَ فِيهَا وَمُبَادَلَةً لِنَصِيبِهِ مِنْهَا فِي النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى بِنَصِيبِ الْآخَرِ فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي يَسْكُنُ هُوَ فِيهَا، كَمَا قَالُوا فِي قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ عَلَى مَا مَرَّ فِي صَدْرِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّهَا لَا تُعَرَّى عَنْ الْمُبَادَلَةِ وَالْإِفْرَازِ لِأَنَّ مَا يَجْتَمِعُ لِأَحَدِهِمَا، بَعْضُهُ كَانَ لَهُ وَبَعْضُهُ كَانَ لِصَاحِبِهِ فَهُوَ يَأْخُذُهُ عِوَضًا عَمَّا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ فَكَانَ مُبَادَلَةً وَإِفْرَازًا، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُبَادَلَةً وَلَوْ بِوَجْهٍ كَانَ مُلْحَقًا بِالْإِجَارَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتُ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُبَادَلَةُ الْمَنْفَعَةِ بِالْعِوَضِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّأْقِيتِ فِيهَا اشْتِرَاطُهُ فِيمَا هُوَ إفْرَازٌ مِنْ وَجْهٍ وَمُبَادَلَةٌ مِنْ وَجْهٍ.

قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالتَّهَايُؤُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إفْرَازٌ لِجَمِيعِ الْأَنْصِبَاءِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْمَعُ جَمِيعَ مَنَافِعِ أَحَدِهِمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ شَائِعَةً فِي الْبَيْتَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْآخَرِ انْتَهَى. وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّوْجِيهِ تَاجُ الشَّرِيعَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ، أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَنَافِعِ الشَّائِعَةِ فِي الْبَيْتَيْنِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُحَالٌ لِعَدَمِ جَوَازِ انْتِقَالِ الْعِوَضِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ فَكَيْفَ يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ جَمْعِهَا. فَإِنْ قُلْت: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْمَعُهَا حَقِيقَةً حَتَّى يَتَوَجَّهَ مَا ذَكَرَ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْتَبِرُ جَمْعَهَا لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ التَّهَايُؤُ مُبَادَلَةً فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتُ. قُلْت: اشْتِرَاطُ التَّأْقِيتِ فِيهِ لَيْسَ بِأَصْعَبَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُحَالِ مُتَحَقِّقًا حَتَّى يَرْتَكِبَ الثَّانِيَ لِأَجْلِ دَفْعِ الْأَوَّلِ، وَأَيْضًا اعْتِبَارُ الْمُحَالِ مُتَحَقِّقًا لَيْسَ بِأَوْلَى وَأَسْهَلَ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ شَرْطِ الْإِجَارَةِ هَاهُنَا لِلضِّرْوَةِ حَتَّى يَرْتَكِبَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي وَتَرْكُ كَثِيرٍ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِي الشَّرْعِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ شَائِعٌ فِي قَوَاعِدِ الشَّرْعِ: أَلَا يَرَى إلَى مَا ذَكَرُوا فِيمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى جَوَازَ التَّهَايُؤِ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا وَهِيَ لَا تَجُوزُ عِنْدَنَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ لَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِيهِ لِضَرُورَةِ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ، عَلَى أَنَّ لُزُومَ اشْتِرَاطِ التَّأْقِيتِ فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ اعْتِبَارِ جَمْعِ الْأَنْصِبَاءِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مَمْنُوعٌ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ التَّهَايُؤُ فِي الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُبَادَلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ إفْرَازًا مِنْ وَجْهٍ وَمُبَادَلَةً مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ التَّأْقِيتِ فِيمَا هُوَ مُبَادَلَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ (قَوْلُهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْتَغِلَّ مَا أَصَابَهُ بِالْمُهَايَأَةِ شُرِطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ لِحُدُوثِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِهِ) قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةُ: فَإِنْ قُلْت: الْمَنَافِعُ فِي الْعَارِيَّةِ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ وَمَعَ هَذَا لَا يَمْلِكُ الْإِجَازَةَ قُلْت لِجَوَازِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ الْمُعِيرُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَلَا فَائِدَةَ انْتَهَى. أَقُولُ: جَوَازُ الِاسْتِرْدَادِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ هَاهُنَا أَيْضًا مُتَحَقِّقٌ، إذْ قَدْ مَرَّ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ثُمَّ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ يُقْسَمُ وَتَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ لِكَوْنِ الْقِسْمَةِ أَبْلَغَ، فَمَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَطْلُبَ الْآخَرُ الْقِسْمَةَ وَتَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ كَيْفَ يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْتَغِلَّ مَا أَصَابَهُ بِالْمُهَايَأَةِ بِنَاءً عَلَى حُدُوثِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَا فَائِدَةَ فِي الِاسْتِغْلَالِ عَلَى تَقْدِيرِ طَلَبِ الْآخَرِ الْقِسْمَةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ كَمَا فِي صُورَةِ الِاسْتِعَارَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَهَايَأَ فِي عَبْدٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا جَازَ وَكَذَا هَذَا فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الزَّمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>