وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانِ) وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ هَاهُنَا (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّهَايُؤِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانُ فِي مَحَلٍّ يَحْتَمِلُهُمَا يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي بِأَنْ يَتَّفِقَا) لِأَنَّ التَّهَايُؤَ فِي الْمَكَانِ أَعْدَلُ وَفِي الزَّمَانِ أَكْمَلُ، فَلَمَّا اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ (فَإِنْ اخْتَارَاهُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ يُقْرَعُ فِي الْبِدَايَةِ) نَفْيًا لِلتُّهَمَةِ (وَلَوْ تَهَايَئَا فِي الْعَبْدَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ هَذَا هَذَا الْعَبْدُ وَالْآخَرَ الْآخَرُ جَازَ عِنْدَهُمَا) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ عِنْدَهُمَا جَبْرًا مِنْ الْقَاضِي وَبِالتَّرَاضِي فَكَذَا الْمُهَايَأَةُ. وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَقْسِمُ الْقَاضِي. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْجَبْرُ عِنْدَهُ.
وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانِ. وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ هَاهُنَا) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ هَذَا إفْرَازٌ أَوْ مُبَادَلَةٌ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى صُورَةِ الْإِفْرَازِ فَكَانَ مَعْلُومًا انْتَهَى. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِسَدِيدٍ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى صُورَةِ الْإِفْرَازِ أَنَّهُ أَيْضًا إفْرَازٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ فِي حُكْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَطْفِ لَا يَقْتَضِي اشْتِرَاكَ الْمَعْطُوفَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ؛ أَلَا يَرَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَبَايِنَةِ فِي الْأَحْكَامِ يُعْطَفُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، عَلَى أَنَّ التَّهَايُؤَ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَفِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ تَهَايُؤٌ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ، وَلَا مَجَالَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَأَنْ يَكُونَ إفْرَازًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ أَدِلَّةِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ سِيَّمَا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّهَايُؤِ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَالتَّهَايُؤِ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فِي الدَّارَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى صُورَةِ الْإِفْرَازِ أَنَّهُ لَيْسَ إفْرَازًا بِنَاءً عَلَى لُزُومِ التَّغَايُرِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا، إذْ يَكْفِي فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُمَا بِحَسْبِ الذَّاتِ، وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُمَا فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ وَالْأَحْكَامِ حَتَّى يَتِمَّ مَا ذَكَرُوهُ.
وَبِالْجُمْلَةِ لَا دَلَالَةَ لِلْعَطْفِ هَاهُنَا عَلَى كَوْنِ الْمَذْكُورِ بِطَرِيقِ الْعَطْفِ مِنْ قَبِيلِ الْإِفْرَازِ وَالْمُبَادَلَةِ، فَالتَّشَبُّثُ بِحَدِيثِ الْعَطْفِ هَاهُنَا مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: فَإِنْ كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَالْمَنْفَعَةُ مُتَفَاوِتَةٌ تَفَاوُتًا يَسِيرًا كَمَا فِي الثِّيَابِ وَالْأَرَاضِيِ تُعْتَبَرُ إفْرَازًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute