إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذا كتابٌ سارتْ به الرُّكبان في سالف الزمان، وتعلقت به أنفس العلماء، فانكبوا عليه مطالعة وحفظاً ودرساً، فقنعوا به ولم يبتغوا سواه، وذلك لجودة تصنيفه، وبراعة تأليفه، وجودة اختياره، وصحة أحاديثه وحسنها، وجمال سياقها، وقوة أسانيدها.
فلا غرابة -بعد ذلك- أن ينتظره على شوق الباحثون، كيف لا، وتِيك الكثرة الكاثرة من النقولات، والتي تسطّر في كثير من الأحايين على سبيل الرضا والتسليم، في الإحتجاج، تقابلهم -كالدُّر المنثور- في كتب التخرج والأحكام، ككتاب "نصب الراية" للزيعلي، و"التلخيص الحبير" لابن حجر العسقلاني، وغيرهما، عندما يقرأون مثلاً هذه الكلمة المتداولة:"صححه عبد الحق".
ومن أجل قيمة الكتاب العلمية أوصى شيخ المحدثين العلّامة الألباني بتحقيق الكتاب ونشره، وسعِد عندما أنبأته بخبر العمل فيه، عندما أمتعنا الله بالحج في صحبته سنة عشر وأربع مئة وألف.
والحق أن الكتاب قد بلغ الغاية في النفع والفائدة، ودلَّ من مصنفه (الحافظ عبد الحق) على سعة علم واطلاع، ودقة فهم، وشدة ذكاء، فلا عجب أن يذيع الكتاب وينتشر، ويتلقى بالقبول والثناء.